الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  865 باب المشي إلى الجمعة ، وقول الله جل ذكره فاسعوا إلى ذكر الله ومن قال : السعي العمل والذهاب ; لقوله تعالى : وسعى لها سعيها

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب في بيان المشي إلى صلاة الجمعة ، أراد أن في حالة المشي إليها ما يترتب من الحكم ، قوله : “ وقول الله " بالجر عطف على قوله : " المشي " أي : وفي بيان معنى قول الله عز وجل فاسعوا إلى ذكر الله والسعي في لسان العرب : الإسراع في المشي ، والاشتداد ، وفي ( المحكم ) : السعي عدو دون الشد ، سعى يسعى سعيا ، والسعي الكسب ، وكل عمل من خير أو شر سعي .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : ذهب مالك إلى أن المشي والمضي يسميان سعيا من حيث كانا عملا ، وكل من عمل بيده أو غيرها فقد سعى .

                                                                                                                                                                                  وأما السعي بمعنى الجري فهو الإسراع ، يقال : سعى إلى كذا ، بمعنى العدو والجري ، فيتعدى بإلى ، وإن كان بمعنى العمل فيتعدى باللام .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني في قوله : وسعى لها سعيها أي : عمل لها وذهب إليها ، فإن قلت : هذا معدى باللام ، وذلك بإلى . قلت : لا تفاوت بينهما إلا بإرادة الاختصاص والانتهاء ، انتهى كلامه . قلت : الفرق بين سعى له ، وسعى إليه بما ذكرنا ، وهو الذي ذكره أهل اللغة ، وإليه أشار البخاري بقوله : " ومن قال السعي العمل " والذهاب يعني من فسر السعي بالعمل والذهاب يقول باللام كما في قوله تعالى: وسعى لها سعيها أي : عمل لها ، ولكن باللام لا تأتي إلا في تفسير السعي بالعمل .

                                                                                                                                                                                  وأما في تفسير السعي بالذهاب ، فلا يأتي إلا بإلى ، ثم اختلفوا في معنى قوله تعالى : فاسعوا فمنهم من قال : معناه فامضوا ، واحتجوا بأن عمر ، وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما كانا يقرآن : فامضوا إلى ذكر الله ، قالا : ولو قرأناها فاسعوا لسعينا حتى يسقط رداؤنا .

                                                                                                                                                                                  وقال عمر رضي الله تعالى عنه لأبي بن كعب رضي الله تعالى عنه ، وقرأ : فاسعوا ، لا تزال تقرأ المنسوخ ، كذا ذكره ابن الأثير ، وفي تفسير عبد بن حميد : قيل لعمر رضي الله تعالى عنه : إن أبيا يقرأ فاسعوا : فامشوا ، فقال عمر : أبي أعلمنا بالمنسوخ ، وفي ( المعاني ) للزجاج : وقرأ أبي وابن مسعود : فامضوا ، وكذا ابن الزبير فيما ذكره ابن التين ، ومنهم من قال : معنى فاسعوا فاقصدوا ، وفي تفسير أبي القاسم الجوزي فاسعوا ، أي : فاقصدوا إلى صلاة الجمعة ، ومنهم من قال : معناه فامشوا كما ذكرناه عن أبي .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين : ولم يذكر أحد من المفسرين أنه الجري ، وقد ذكرنا نبذا من ذلك في أول كتاب الجمعة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية