الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وقعة أجنادين

قد ذكرها أبو جعفر عقيب وقعة اليرموك ، وروى خبرها عن ابن إسحاق من اجتماع الأمراء ومسير خالد بن الوليد من العراق إلى الشام نحو ما تقدم ، وقال : فسار خالد من مرج راهط إلى بصرى وعليها أبو عبيدة بن الجراح وشرحبيل بن حسنة ويزيد بن أبي سفيان ، فصالحهم أهلها على الجزية ، فكانت أول مدينة فتحت بالشام في خلافة أبي بكر . ثم ساروا جميعا إلى فلسطين مددا لعمرو بن العاص وهو مقيم بالعربات ، واجتمعت الروم بأجنادين وعليهم تذارق أخو هرقل لأبويه ، وقيل كان على الروم القبقلار ، وأجنادين بين الرملة وبيت جبرين من أرض فلسطين ، وسار عمرو بن [ ص: 261 ] العاص حين سمع بالمسلمين فلقيهم ، ونزلوا بأجنادين وعسكروا عليهم ، فبعث القبقلار عربيا إلى المسلمين يأتيه بخبرهم ، فدخل فيهم وأقام يوما وليلة ثم عاد إليه ، فقال : ما وراءك ؟ فقال : بالليل رهبان وبالنهار فرسان ، ولو سرق ابن ملكهم قطعوه ، ولو زنى رجم لإقامة الحق فيهم . فقال : إن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها .

والتقوا يوم السبت لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، فظهر المسلمون وهزم المشركون ، وقتل القبقلار وتذارق ، واستشهد رجال من المسلمين ، منهم : سلمة بن هشام بن المغيرة ، وهبار بن الأسود ، ونعيم بن عبد الله النحام ، وهشام بن العاص بن وائل ، وقيل : بل قتل باليرموك ، وجماعة غيرهم

قال : ثم جمع هرقل للمسلمين فالتقوا باليرموك ، وجاءهم خبر وفاة أبي بكر وهم مصافون ، وولاية أبي عبيدة ، وكانت هذه الوقعة في رجب . هذه سياقة الخبر

وكان فيمن قتل ضرار بن الخطاب الفهري ، وله صحبة ، وعمرو بن سعيد بن العاص ، وهو من مهاجرة الحبشة ، وقتل باليرموك ، وممن قتل الفضل بن العباس ، وقيل : قتل بمرج الصفر ، وقيل : مات في طاعون عمواس .

وفيها قتل طليب بن عمير بن وهب القرشي ، وقتل باليرموك ، شهد بدرا ، وهو من المهاجرين الأولين .

وفيها قتل عبد الله بن أبي جهم القرشي العدوي ، وكان إسلامه يوم الفتح .

وفيها قتل عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بعد أن قتل جمعا من الروم في المعركة ، وكان عمره يوم مات النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو ثلاثين سنة .

وفيها قتل عبد الله بن الطفيل الدوسي ، وهو الملقب بذي النور ، وكان من فضلاء الصحابة ، قديم الإسلام ، هاجر إلى الحبشة .

[ ص: 262 ] ( أجنادين بعد الجيم نون ، ودال مهملة مفتوحة ، ومنهم من يكسرها ، ثم ياء مثناة من تحتها ساكنة ، وآخره نون ) .

وقد قيل : إن وقعة أجنادين كانت سنة خمس عشرة ، وسيرد ذكرها إن شاء الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية