الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب التولية ) أصلها تقليد العمل ثم استعملت فيما يأتي ( والإشراك ) مصدر أشركه صيره شريكا ( والمرابحة ) من الربح ، وهو الزيادة والمحاطة من الحط ، وهو النقص ، ولم يذكرها لدخولها في المرابحة ؛ لأنها في الحقيقة ربح للمشتري الثاني ، أو اكتفاء عنها [ ص: 424 ] بالمرابحة ؛ لأنها أشرف إذا ( اشترى ) شخص ( شيئا ) بمثلي ( ثم ) بعد قبضه ولزوم العقد وعلمه بالثمن وبقائه ، أو بقاء بعضه كما يعلم مما يأتي .

                                                                                                                              ( قال لعالم بالثمن ) قدرا وصفة ، وإن طرأ علمه له بعد الإيجاب وقبل القبول بإعلامه ، أو غيره وظاهر أن المراد بالعلم هنا الظن ( وليتك هذا العقد ) ، وإن لم يقل بما اشتريت أو وليتكه ، وإن لم يذكر العقد كما صرح به الجرجاني ، وهذا وما اشتق منه صرائح في التولية ونحو جعلته لك كناية هنا كالبيع ( فقبل ) بنحو قبلته وتوليته ( لزمه مثل الثمن ) جنسا وقدرا وصفة ، ومن ثم لو كان مؤجلا ثبت في حقه مؤجلا بقدر ذلك الأجل من حين التولية ، وإن حل قبلها على ما رجحه ابن الرفعة ، ويرده أن المغلب فيها بناء ثمنها على العقد الأول فيحسب الأجل من حينه على الأوجه أما المتقوم فلا تصح التولية معه إلا بعد انتقاله للمتولي لتقع على عينه نعم لو قال [ ص: 425 ] المشتري بالعرض قام علي بكذا ، وقد وليتك العقد بما قام علي ، وذكر القيمة مع العرض جاز على الأوجه ، وكذا لو ولت امرأة في صداقها بلفظ القيام ، أو الرجل في عوض الخلع إن علم العاقدان في الصورتين مهر المثل على الأوجه لوجوب ذكره ، وقولهم : مع العرض شرط للسلامة من الإثم ؛ إذ يشدد في البيع بالعرض ما لا يشدد في البيع بالنقد كما يأتي لا لصحة العقد لما يأتي أن الكذب في المرابحة ، أو في غيرها لا يقتضي بطلان العقد ، وتصح التولية ، وما معها في الإجارة كما هو ظاهر بشروطها ثم إن وقعت قبل مضي مدة لها أجرة فظاهر ، وإلا فإن قال : وليتك من أول المدة بطلت فيما مضى ؛ لأنه معدوم ، وصحت في الباقي بقسطه من الأجرة ، أو وليتك ما بقي صحت فيه بقسطه كما ذكر

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( باب التولية ) - [ ص: 424 ] قوله : ولزوم العقد ) ينبغي أن المراد لزومه من جهة بائعه فقط بأن لا يكون له أعني لبائعه خيار ؛ إذ ليس له التصرف مع غيره بما يبطل خياره لا من جهته هو أيضا فلو كان الخيار له وحده صحت توليته م ر ( قوله : أو بقاء بعضه ) احترازا عما لو حط جميعه عنه على التفصيل الآتي ( قوله : بعد الإيجاب ) أي للتولية ( قوله : الظن ) الأولى ما يشمل الظن ( قوله : وإن لم يذكر العقد ) يؤيده أن ذكر العقد لا يتأتى في نحو تولية المرأة في صداقها ( قوله : ويرده أن المغلب إلخ ) فيه نظر ؛ إذ معنى بناء ثمنها على العقد أن يعتبر فيها صفات الثمن في العقد الأول ، وهذا يوافق ما قاله ابن الرفعة ، ولا يرده فليتأمل ( قوله : من حينه على الأوجه ) أي : من حين العقد الأول حتى إذا وقعت التولية بعد الحلول وجب الثمن حالا كما بسط ذلك في شرح العباب ( قوله : - [ ص: 425 ] وذكر القيمة مع العرض ) فيه اعتبار بيان الحال وسيأتي مثله في شرح قوله : والشراء بالعرض حيث قال : فيقول بعرض قيمته كذا ، ولا يقتصر على ذكر العرض ، وإن باعه بلفظ القيام وسيأتي أنه لو باع بلفظ قام علي ، أو رأس المال لا يجب بيان الحال وأن هذا بخلاف بعض عين الصفقة حيث لا يجوز بيعه بلفظ القيام ، أو الشراء إلا إن بين الحال ( قوله : لوجوب ذكره ) قضيته أنه يمتنع تقويم العين والتولية بقيمتها ( قوله : للسلامة بين الإثم ) ينبغي أن محل الإثم إذا حصلت مظنة التفاوت ، وإلا كأن قطع بأن العرض لا ينقص قيمته عن عشرة فذكرها أو أقل فلا إثم ( قوله : بقسطه ) ينبغي اشتراط علمهما بالقسط هنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب التولية ) ( قوله : أصلها ) إلى قوله وظاهر في النهاية والمغني إلا قوله : وبقائه إلى المتن ( قوله : تقليد العمل ) أي : إلزامه كأن ألزمه القضاء بين الناس ا هـ بجيرمي عبارة الكردي أي : تفويضه إلى الغير ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ثم استعملت ) أي : في لسان أهل الشرع ا هـ ع ش ( قوله : فيما يأتي ) عبارة الشوبري : والتولية اصطلاحا : نقل جميع المبيع إلى المولى بالفتح بمثلا لثمن المثلي ، أو قيمة المتقوم بلفظ وليتك ، أو ما اشتق منه ، والإشراك : نقل بعضه بنسبته من الثمن بلفظ أشركتك ، أو ما اشتق منه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولم يذكرها ) أي : المحاطة ا هـ ع ش أي : في الترجمة ( قوله : لأنها في الحقيقة ) أي في نفس الأمر ا هـ ع ش ( قوله : أو اكتفي عنها إلخ ) وهذا أولى لما يأتي من الفرق بينهما في الفهم والحكم ، أو يقال : ترجم لشيء وزاد عليه ، وهو غير معيب ، ولم يذكر الشارح معناهما لغة وشرعا ، ويجوز أن يقال : هما مصدران لرابح وحاط فيكون في اللغة معنى المرابحة إعطاء كل من اثنين صاحبه ربحا ، ومعنى المحاطة نقص [ ص: 424 ] كل من اثنين شيئا مما يستحقه صاحبه ، وأما في الشرع فمعناهما يعلم مما يأتي ، وهو أن المرابحة بيع بمثل الثمن ، أو ما قام عليه به مع ربح موزع على أجزائه ، والمحاطة بيع بذلك مع حط موزع على أجزائه ا هـ ع ش ( قوله : ولزوم العقد ) ينبغي أن المراد لزومه من جهة بائعه فقط بأن لا يكون له أعني لبائعه خيار ؛ إذ ليس له أي : المشتري التصرف مع غيره أي : البائع بما يبطل خياره أي : البائع لا من جهته هو أيضا فلو كان الخيار له وحده صحت توليته م ر ا هـ سم زاد البجيرمي ومثله إذا كان الخيار لهما ، وأذن له البائع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وعلمه إلخ ) المراد بالعلم هنا ما يشمل الظن ا هـ ع ش أي والواو بمعنى مع ( قوله : وبقائه ) أي : الثمن ( قوله : أو بقاء بعضه ) احتراز عما لو حط جميعه عنه على التفصيل الآتي ا هـ سم ( قوله : مما يأتي ) أي : في قوله ، وإلا بطلت ؛ لأنها حينئذ بيع بلا ثمن ا هـ كردي ( قوله : وصفة ) أراد بالصفة ما يشمل الجنس ، وخرج بذلك ما لو علم به بالمعاينة فلا يكفي كما يأتي وينبغي أن محل عدم الاكتفاء بذلك ما لم ينتقل المعين للمولى ، أو يعلم قدره ، وهو في يد البائع ا هـ ع ش عبارة الحلبي ، ومنها أي : الصفة كونه عرضا أو مؤجلا إلى كذا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وإن طرأ عمله ) أي المشتري أما البائع فلا بد من علمه قبل الإيجاب كما علم من قوله قبل : وعلمه بالثمن ، ويظهر أنه لو تقدم القبول من المشتري ، وهو عالم بالثمن دون البائع كأن قال اشتريت منك هذا بما قام به عليك ، وهو كذا ، أو لم يقل ذلك ولكن أخبر البائع به غير المشتري تصح التولية قياسا على ما لو علم به المشتري بعد الإيجاب ا هـ ع ش ( قوله : بعد الإيجاب ) أي : للتولية و ( قوله : وقبل القبول ) لا بعده ، ولو في مجلس العقد ، وهذا مستثنى من قولهم : الواقع في مجلس العقد كالواقع في صلبه ا هـ ع ش ( قوله : بإعلامه ) أي : البائع ا هـ ع ش ( قوله : هنا ) أي : في علم المولى والمتولي بالثمن ( قوله : الظن ) الأولى ما يشمل الظن ا هـ سم ( قوله : أو وليتكه ) أي : العقد حيث تقدم مرجعه بأن يقول : هذا العقد وليتكه ، والأولى رجوع الضمير للبيع ا هـ ع ش ( قوله : وإن لم يقل ) إلى قوله : ويرده في النهاية إلا قوله : وإن لم يذكر إلى ، وهذا ( قوله : وإن لم يذكر العقد ) خالفه النهاية والمغني فقالا ما حاصله : أنه لا بد في الاشتراك من ذكر البيع ، أو العقد وقياسه أنه لا بد في صراحة التولية من ذلك ، وإلا فتكون كناية ا هـ واعتمده ع ش والرشيدي ، وقال سم : ويؤيده أي : ما قاله الشارح أن ذكر العقد لا يتأتى في نحو تولية المرأة في صداقها ا هـ وأشار ع ش إلى رده بقوله : ومثل العقد ما يقوم مقامه كالصداق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهذا ) أي : وليتك هذا العقد ، أو وليتكه ا هـ ع ش ( قوله : وما اشتق منه ) أي : مصدره على حذف المضاف ؛ لأن الصحيح أن الأصل في الاشتقاق هو المصدر ، والأفعال والصفات مشتقة منه ( قوله : بنحو قبلته إلخ ) أي : أو اشتريته ، وقياس ما مر في البيع الاكتفاء بقبلت من غير ضمير ا هـ ع ش ( قوله : من حين التولية ) متعلق بقوله : مؤجلا ، والمعنى يقع مؤجلا من حين التولية بقدر الأجل المشروط في البيع الأول ا هـ رشيدي ( قوله : على ما رجحه ابن الرفعة ) وهو الأوجه نهاية وزيادي ( قوله : ويرده إلخ ) فيه نظر ؛ إذ معنى بناء ثمنها على العقد الأول أن يعتبر فيه صفات الثمن في العقد الأول ، وهذا يوافق ما قاله ابن الرفعة ، ولا يرده فتأمل ا هـ سم ( قوله : من حينه ) أي : من حين العقد الأول حتى إذا وقعت التولية بعد الحلول وجب الثمن حالا كما بسط ذلك في شرح العباب ا هـ سم ( قوله : أما المتقوم ) إلى قوله : إن علم في المغني وإلى المتن في النهاية ( قوله لتقع ) أي : التولية ( عليه ) أي : عين المتقوم عبارة المنهج وبقيمته في العرض مع ذكره ، وبه أي : بعين الثمن مطلقا أي : مثليا ، أو متقوما بأن انتقل إليه ا هـ ع ش ( قوله : - [ ص: 425 ] بالعرض ) صلة المشتري ومراده بالعرض المتقوم فيشمل ما لا يجوز فيه السلم ، وغير المنضبط من المتقومات ا هـ ع ش ( قوله : وذكر القيمة مع العرض ) أي : كأن قال قام علي بعرض ، أو كتاب قيمته كذا وقد وليتك العقد بما قام علي ، أو وليتك العقد بما قام علي ، وهو عرض ، أو كتاب قيمته كذا ( قوله : لو ولت امرأة إلخ ) بأن قالت وليتك الصداق بما قام علي فكأنها باعته أي : الصداق بمهر المثل و ( قوله : أو الرجل في عوض الخلع ) بأن قال الزوج : وليتك عقد الخلع بما قام علي فكأنه باع عوضه بمهر المثل ا هـ بجيرمي وانظر هذا التصوير مع قول الشارح الآتي لوجوب ذكره ( قوله : في عوض الخلع ) أي : أو في الصلح عن الدم ، ويكون الواجب الدية سم على منهج ا هـ ع ش ( قوله : في الصورتين ) أي : قوله : لو ولت امرأة إلخ ، قوله : أو الرجل إلخ ( قوله : لوجوب ذكره ) أي : مهر المثل قضيته أنه يمتنع تقويم العين ، والتولية بقيمتها ا هـ . سم .

                                                                                                                              ( قوله : وقولهم مع العرض ) أي : مع ذكره ا هـ رشيدي ( قوله : للسلامة من الإثم ) ينبغي أن محل الإثم إذا حصلت مظنة التفاوت ، وإلا كأن قطع بأن العرض لا تنقص قيمته عن عشرة فذكرها ، أو أقل فلا إثم سم على حج أي : وكانت الرغبة بين الناس في الشراء بالعرض مثل النقد ا هـ ع ش ( قوله : في الإجارة ) أي : سواء إجارة العين والذمة ، وإن فرق سم على المنهج بينهما عبارته ، ولك أن تفرق بين الإجارة العينية فتصح التولية فيها دون إجارة الذمة لامتناع بيع المسلم فيه ا هـ كلام الناشري انتهى ا هـ ع ش ( قوله : بشروطها ) أي : التولية من كونهما عالمين بالأجرة والمنفعة المعقود عليها وبيان المدة إن كانت مقدرة بها و ( قوله : وإلا ) أي : بأن وقعت بعد مضي مدة لها أجرة ( قوله : بقسطه من الأجرة ) أي : من المسمى باعتبار ما يخص ما بقي منه بعد رعاية أجرة المثل لما بقي ، ولما مضى ، وقال سم على حج : وينبغي اشتراط علمهما بالقسط هنا ا هـ وقياس ما تقدم في تفريق الصفقة أنه لا يشترط العلم بالقسط بل توزيع الأجرة على أجزاء المدة كاف ا هـ ع ش ( قوله : أو وليتك ما بقي إلخ ) ينبغي أن يكون التولية في البيع بعد تلف بعض المبيع كذلك ا هـ سيد عمر




                                                                                                                              الخدمات العلمية