الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يجوز ) قرض نقد أو غيره إن اقترن ( بشرط ) ( رد صحيح عن مكسر أو ) رد ( زيادة ) على القدر المقرض أو رد جيد عن رديء أو غير ذلك من كل شرط جر منفعة للمقرض كرده ببلد آخر أو رهنه بدين آخر ، فإن فعل فسد العقد لخبر فضالة بن عبيد رضي الله عنه { كل قرض جر منفعة } أي شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة " فهو ربا " وروي مرفوعا بسند ضعيف ، لكن صحح الإمام والغزالي رفعه ، وروى البيهقي معناه عن جمع من الصحابة والمعنى فيه أن موضوع القرض الإرفاق ، فإذا شرط فيه لنفسه حقا خرج عن موضوعه فمنع صحته ، وشمل ذلك شرطا ينفع المقرض والمقترض فيبطل به العقد فيما يظهر ومنه القرض لمن يستأجر ملكه : أي مثلا بأكثر من قيمته لأجل القرض إن وقع ذلك شرطا إذ هو حينئذ [ ص: 231 ] حرام بالإجماع وإلا كره عندنا وحرم عند كثير من العلماء ، قاله السبكي ( فلو رد ) من اقترض لنفسه من ماله ( هكذا ) أي زائدا قدرا أو صفة ( بلا شرط فحسن ) ومن ثم ندب ذلك ولم يكره للمقرض الأخذ كقبول هديته ولو في الربوي للخبر المار وفيه { إن خياركم أحسنكم قضاء } نعم الأولى كما قاله الماوردي تنزهه عنها قبل رد البدل ، ولو أقرض من عرف برد الزيادة قاصدا ذلك كره في أوجه الوجهين قياسا على كراهة نكاح من عزم على أنه يطلق إذا وطئ من غير شرط ، وظاهر كلامهم ملك الزائد تبعا لأنه هبة مقبوضة ولا يحتاج فيه إلى إيجاب وقبول ، ويمتنع على الباذل رجوعه في الزائد كما أفتى به ابن عجيل وهو ظاهر .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كرده ببلد آخر ) ومنه ما جرت به العادة من قوله للمقترض : أقرضتك هذا على أن تدفع بدله لوكيلي بمكة المشرفة ( قوله : فسد العقد ) ومعلومه أن محل الفساد بحيث وقع الشرط في صلب العقد . أما لو توافقا على ذلك ولم يقع شرط في العقد فلا فساد ( قوله : إن وقع ذلك شرطا ) أي في صلب العقد [ ص: 231 ] قوله : تنزهه عنها ) أي قبول الهدية ( قوله : ملك الزائد تبعا ) أي وإن كان متميزا عن مثل المقرض كأن اقترض دراهم فردها ومعها نحو سمن ويصدق الآخذ في كون ذلك هدية لأن الظاهر معه إذ لو أراد الدافع أنه إنما أتى به ليأخذ بدله لذكره . ومعلوم مما صورنا به أنه رد المقرض والزيادة معا ثم ادعى أن الزيادة ليست هدية فيصدق الآخذ . أما لو دفع إلى المقرض سمنا أو نحوه مع كون الدين باقيا في ذمته وادعى أنه من الدين لا هدية فإنه يصدق الدافع في ذلك ( قوله : رجوعه في الزائد ) أي لدخوله في ملك الآخذ بمجرد الدفع .




                                                                                                                            الخدمات العلمية