الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: يا معشر الجن والإنس المعشر: الجماعة التامة من القوم التي تشتمل على أصناف الطوائف ، ومنه قيل للعشرة لأنها تمام العقد. ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي اختلفوا في الرسالة إلى الجن على ثلاثة أقاويل. أحدها: أن الله بعث إلى الجن رسلا منهم ، كما بعث إلى الإنس رسلا منهم ، قاله الضحاك وهو ظاهر الكلام. والثاني: أن الله لم يبعث إليهم رسلا منهم ، وإنما جاءتهم رسل الإنس ، قاله ابن جريج ، والفراء ، والزجاج ، ولا يكون الجمع في قوله: ألم يأتكم رسل منكم مانعا من أن يكون الرسل من أحد الفريقين ، كقوله تعالى: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان [الرحمن: 22] وإنما هو خارج من أحدهما. والثالث: أن رسل الجن هم الذين لما سمعوا القرآن ولوا إلى قومهم منذرين [الأحقاف: 29] ، قاله ابن عباس . وفي دخولهم الجنة قولان: أحدهما: قاله الضحاك . [ ص: 171 ] والثاني: أن ثوابهم أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم كونوا ترابا كالبهائم ، حكاه سفيان عن ليث. وينذرونكم لقاء يومكم هذا يحتمل وجهين: أحدهما: ينذرونكم خذلان بعضكم لبعض وتبرؤ بعضكم من بعض في يوم القيامة. والثاني: ينذرونكم ما تلقونه فيه من العذاب على الكفر ، والعقاب على المعاصي. قالوا شهدنا على أنفسنا يحتمل وجهين: أحدهما: إقرارهم على أنفسهم بأن الرسل قد أنذروهم. والثاني: شهادة بعضهم على بعض بإنذار الرسل لهم. وغرتهم الحياة الدنيا فيه وجهان: [ ص: 172 ] أحدهما: وغرتهم زينة الحياة الدنيا. والثاني: وغرتهم الرياسة في الدنيا. ويحتمل ثالثا: وغرتهم حياتهم في الدنيا حين أمهلوا. وشهدوا على أنفسهم وفي هذه الشهادة أيضا الوجهان المحتملان إلا أن تلك شهادة بالإنذار وهذا بالكفر.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية