الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 53 ] القول في أحكام المسجد

                هي كثير جدا ;

                1 - وقد ذكرها أصحاب الفتاوى في كتاب الصلاة في باب على حدة . فمنها : تحريم دخوله على الجنب والحائض والنفساء ولو على وجه العبور .

                2 - وإدخال نجاسة فيه يخاف منها التلويث .

                3 - ومنع إدخال الميت فيه ; والصحيح أن المنع لصلاة الجنازة وإن لم يكن الميت فيه إلا لعذر مطر ونحوه . واختلفوا في علته ; فمنهم من علل بخوف التلويث ; ومنهم من علله بأنه لم يبن لها . [ ص: 54 ] وعلى الأول هي تحريمية ، وعلى الثاني هي تنزيهية .

                5 - ورجح الأول العلامة قاسم رحمه الله تعالى . ولم يعلله أحد منا بنجاسة الميت لإجماعهم على طهارته بالغسل إن كان مسلما . ومنها : صحة الاعتكاف فيه . ومنها : حرمة إدخال الصبيان والمجانين حيث غلب تنجيسهم وإلا فيكره .

                6 - ومنها منع إلقاء القملة بعد قتلها فيه . ومنها : تحريم البول فيه ولو في إناء ، وأما القصد فيه في إناء فلم أره .

                7 - وينبغي أن لا فرق . ومنها منع : أخذ شيء من أجزائه . قالوا في ترابه ; إن كان مجتمعا جاز الأخذ منه ومسح الرجل عليه .

                8 - وإلا لا

                [ ص: 53 ]

                التالي السابق


                [ ص: 53 ] قوله : ذكرها أصحاب الفتاوى في كتاب الصلاة . يعني أكثرهم وإلا فقد ذكرها قاضي خان في آخر كتاب الوقف وصاحب منية المفتي في كتاب الحظر والإباحة وصاحب القنية في كتاب الاستحسان .

                ( 2 ) قوله : وإدخال نجاسة فيه إلخ عطف على دخوله في قوله فمنها تحريم دخوله على الجنب ، ولذا قالوا ينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد .

                ( 3 ) قوله : ومنع إلخ . عطف على تحريم في قوله منها تحريم دخوله ، والمراد المنع على وجه الكراهة قال في الحاوي القدسي : وتكره الصلاة على الجنازة في المساجد وعن أبي يوسف : إذا كان المسجد مبنيا لذلك فلا بأس به ومصلى العيد مسجد والمدرسة لا ( انتهى ) . أقول إنما يتم ما عن أبي يوسف من عدم الكراهة إذا بنى لها إذا كانت علة الكراهة كون المسجد لم يبن إلا لأداء المكتوبات كما سيأتي أما إذا كانت علة الكراهة خوف التلويث فلا . وقوله والمدرسة لا ، ليس على إطلاقه بل هذا إذا منع أهلها من الصلاة فيها وإلا فهي مسجد . [ ص: 54 ] قوله : وعلى الأول هي تحريمية . قيل عليه إن التعليل بخوف التلويث وهو أمر وهمي محتمل خلافه إنما يقتضي الكراهة التنزيهية وإنما يعلل للتحريم بأن النهي غير معروف كما في الفتح .

                ( 5 ) قوله : ورجح الأول العلامة قاسم . أقول العلامة قاسم ليس من أهل الترجيح بل هو من نقلة المذهب فلعل المراد أنه حكى ترجيحه .

                ( 6 ) قوله : ومنها منع إلقاء القملة بعد قتلها فيه . أقول المنع على سبيل التنزيه لا الحرمة ولا كراهة التحريم ; لأن القملة المقتولة ليست بنجسة فالمنع من إلقائها في المسجد لاستقذارها لا لنجاستها لتصريحهم بأن ميتة القمل والبرغوث والبق لا ينجس الماء فتأمل .

                ( 7 ) قوله : وينبغي أن لا فرق إلخ . أي ينبغي أن يكون حكمها واحدا ; لأنه لا فرق بينهما إذ كل منهما نجس مغلظ .

                ( 8 ) قوله : وإلا لا . أقول ; لأن المجتمع المنبسط بمنزلة أرض المسجد فيكره أخذه يعني على سبيل الاستعمال أما إذا أخذه للتبرك فجائز كما قالوا في تراب الكعبة هذا واعلم أن هذا الحكم كان حيث كانت المساجد لا تنبسط أما الآن فإزالة التراب ورفعه قربة




                الخدمات العلمية