الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4084 (9) باب: لكل داء دواء، والتداوي بالحجامة

                                                                                              [ 2143 ] عن جابر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله.

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 335) ومسلم (2204).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (9) ومن باب: لكل داء دواء وفي التداوي بالحجامة

                                                                                              قوله: " لكل داء دواء "الداء بفتح الدال لا غير، والدواء تفتح داله وتكسر، والفتح أفصح. وهذه الكلمة صادقة العموم؛ لأنها خبر من الصادق البشير عن الخالق القدير: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير فالداء والدواء خلقه، والشفاء والهلاك فعله، وربط الأسباب بالمسببات حكمته وحكمه على ما سبق به علمه، فكل ذلك بقدر لا معدل عنه ولا وزر، وما أحسن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما خرجه الترمذي عن أبي خزامة بن يعمر قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله، أرأيت رقى نسترقيها ودواء نتداوى به; هل ترد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله . قال: هذا حديث حسن صحيح. وكفى بهذا بيانا، لكن للبصراء لا للعميان.

                                                                                              [ ص: 593 ] وقوله: " فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله " ومعناه أن الله تعالى إذا شاء الشفاء يسر دواء ذلك الداء ونبه عليه مستعمله فيستعمله على وجهه وفي وقته فيشفى ذلك المرض، وإذا أراد إهلاك صاحب المرض أذهل عن دوائه أو حجبه بمانع يمنعه فهلك صاحبه، وكل ذلك بمشيئته وحكمه كما سبق في علمه، ولقد أحسن من الشعراء من قال في شرح الحال:


                                                                                              والناس يلحون الطبيب وإنما غلط الطبيب إصابة المقدور



                                                                                              وقد خرج أبو داود هذا الحديث وحديث أسامة بن شريك ، وقال فيه: إنه - صلى الله عليه وسلم – قال: "يا عباد الله، تداووا! فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، غير داء واحد: الهرم" فاستثنى الهرم من جملة الأدواء وإن لم يكن داء بنفسه، لكن تلازمه الأدواء، وهو مفض بصاحبه إلى الهلاك. وهذا نحو من قوله في الحديث الآخر: "كفى بالسلامة داء" أي: مصير السلامة إلى الداء، وكما قال حميد بن ثور :


                                                                                              أرى بصري قد رابني بعد صحة وحسبك داء أن تصح وتسلما






                                                                                              الخدمات العلمية