الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى .

الأظهر أن هذا رد لتكذيب من المشركين فيما بلغهم من الخبر عن رؤية النبيء - صلى الله عليه وسلم - الملك جبريل وهو الذي يؤذن به قوله بعد أفتمارونه على ما يرى .

[ ص: 99 ] واللام في قوله الفؤاد عوض عن المضاف إليه ، أي : فؤاده وعليه فيكون تفريع الاستفهام في قوله أفتمارونه على ما يرى استفهاما إنكاريا ؛ لأنهم ماروه .

ويجوز أن يكون قوله ما كذب الفؤاد ما رأى تأكيدا لمضمون قوله فكان قاب قوسين فإنه يؤذن بأنه بمرأى من النبيء - صلى الله عليه وسلم - برفع احتمال المجاز في تشبيه القرب ، أي : هو قرب حسي وليس مجرد اتصال روحاني فيكون الاستفهام في قوله أفتمارونه على ما يرى مستعملا في الفرض والتقدير ، أي : أفستكذبونه فيما يرى بعينيه كما كذبتموه فيما بلغكم عن الله ، كما يقول قائل أتحسبني غافلا وقول عمر بن الخطاب للعباس وعلي في قضيتهما : أتحاولان مني قضاء غير ذلك ؟ ! .

وقرأ الجمهور ما كذب بتخفيف الذال ، وقرأه هشام عن ابن عامر وأبو جعفر بتشديد الذال ، والفاعل والمفعول على حالهما كما في قراءة الجمهور .

والفؤاد : العقل في كلام العرب قال تعالى وأصبح فؤاد أم موسى فارغا .

والكذب : أطلق على التخييل والتلبيس من الحواس كما يقال : كذبته عينه .

و ما موصولة ، والرابط محذوف وهو ضمير عائد إلى عبده في قوله فأوحى إلى عبده ، أي : ما رآه عبده ببصره .

وتفريع أفتمارونه على جملة ما كذب الفؤاد ما رأى .

وقرأ الجمهور أفتمارونه من المماراة وهي الملاحاة والمجادلة في الإبطال . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وخلف ( أفتمرونه ) بفتح الفوقية وسكون الميم ، مضارع مراه إذا جحده ، أي : أتجحدونه أيضا فيما رأى ، ومعنى القراءتين متقارب .

[ ص: 100 ] وتعدية الفعل فيهما بحرف الاستعلاء لتضمنه معنى الغلبة ، أي : هبكم غالبتموه على عبادتكم الآلهة ، وعلى الإعراض عن سماع القرآن ونحو ذلك أتغلبونه على ما رأى ببصره .

التالي السابق


الخدمات العلمية