الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1479 [ ص: 112 ] حديث سادس لابن شهاب عن أبي سلمة مسند وهو حديث العمري

مالك عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أيما رجل أعمر عمرى له ، ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا يرجع إلى الذي أعطاها ; لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث

التالي السابق


هكذا هو هذا الحديث عند كل الرواة عن مالك ، ورواه معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال : إنما العمرى التي أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقول هي لك ولعقبك ، فأما إذا قال : هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها قال معمر : وكان الزهري يفتي بذلك ، قال محمد بن يحيى الذهلي في حديث معمر : هذا إنما منتهاه إلى قوله هي لك ولعقبك ، وما بعده عندنا من كلام الزهري قال : وما رواه أبو الزبير عن جابر يوهن حديث معمر هذا قال : وقد رواه ابن أبي ذئب ومالك وابن أخي الزهري وليث على خلاف ما رواه معمر

قال أبو عمر :

أما رواية ابن أبي ذئب ; فرواه في موطئه عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى فيمن أعمر [ ص: 113 ] عمرى له ولعقبه ، فهي له بتلة لا يجوز للمعطي فيها شرط ولا مثنوية ، قال أبو سلمة : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث فقطعت المواريث شرطه ، وهذا خلاف ما قاله الذهلي ، وقد جوده ابن أبي ذئب فبين فيه موضع الرفع ، وجعل سائره من قول أبي سلمة لا من قول الزهري ، ورواه الأوزاعي قال : حدثني أبو سلمة قال : حدثني جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العمرى لمن أعمرها هي له ولعقبه هكذا : حدثناه الوليد بن مسلم وغيره عنه ورواه الليث ، عن ابن شهاب بإسناده قال : من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها ، وهي لمن أعمرها ولعقبه حدثنا بحديث الليث ، أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا أبو النضر قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني الزهري عن أبي سلمة عن جابر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : فذكره حرفا بحرف

قال أبو عمر :

فهذا ما في حديث ابن شهاب والمعنى في ذلك متقارب يشد بعضه بعضا ; لكن مالكا رحمه الله لم يقل بظاهر هذا الحديث لما رواه عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع مكحولا الدمشقي يسأل القاسم بن محمد عن العمرى ؟ وما يقول الناس فيها فقال القاسم : ما أدركت الناس إلا على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا ، [ ص: 114 ] والقاسم قد أدرك جماعة من الصحابة وكبار التابعين ، وقال مالك : الأمر عندنا أن العمرى ترجع إلى الذي أعمرها إذا لم يقل لك ولعقبك إذا مات المعمر ، وكذلك إذا قال هي لك ولعقبك ترجع إلى صاحبها أيضا بعد انقراض عقب المعمر ; لأنه على شرطه في عقب المعمر كما هو على شرطه في المعمر ، ورقبتها عند مالك وأصحابه على ملك صاحبها أبدا ترجع إليه إن كان حيا أو إلى ورثته بعده ، وضمانها منهم ولا يملك بلفظ العمرى ، والأعمار عند مالك رقبة شيء من العطايا ، وإنما ذلك عنده كلفظ السكنى والإسكان سواء ، لا يملك بذلك إلا المنافع دون الرقاب ، وهي ألفاظ عندهم لا يملك بها الرقاب ، وإنما يملك بها المنافع منها العمرى ، والسكنى ، والعارية والأطراق ، والمنحة ، والأحبال والأفقار ، وما كان مثلها قال أبو إسحاق الحربي : سمعت ابن الأعرابي يقول : لم تختلف العرب في أن هذه الأسماء على ملك أربابها ومنافعها لمن جعلت له العمرى والرقبى والأفقار والأحبال والعرية والسكنى والأطراق ومما احتج به أصحاب مالك فيما ذهبوا إليه من رد حديث جابر هذا بأن قالوا : هو حديث منسوخ ، ولم يصحبه [ ص: 115 ] العمل ، وقال بعضهم : لعل حامله وهم ، ومثل هذا من القول لا يعترض به الأحاديث الثابتة عند أحد من العلماء إلا بأن يتبين النسخ بما لا مدفع فيه ، ومما احتجوا به أيضا ما رواه ابن القاسم وغيره عن مالك قال : رأيت محمدا وعبد الله ابني أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فسمعت عبد الله يعاتب محمدا ومحمد يومئذ قاض فيقول له ما لك لا تقضي بالحديث الذي جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في العمرى حديث ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر ، فيقول له محمد يا أخي لم أجد الناس على هذا وأباه الناس فهو يكلمه ومحمد يأباه قال مالك : ليس عليه العمل ولوددت أنه محي ، ومن أحسن ما احتجوا به أن قالوا : ملك المعمر المعطي ثابت بإجماع قبل أن يحدث العمرى فلما أحدثها اختلف العلماء فقال بعضهم : قد أزال لفظه ذلك ملكه عن رقبة ما أعمره ، وقال بعضهم : لم يزل ملكه عن رقبة ماله بهذا اللفظ ، والواجب بحق النظر أن لا يزول ملكه إلا بيقين ، وهو الإجماع لأن الاختلاف لا يثبت به يقين ، وقد ثبت أن الأعمال بالنيات ، وهذا الرجل لم ينو بلفظه ذلك إخراج شيء عن ملكه ، وقد اشترط فيه شرطا فهو على شرطه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمون على شروطهم

[ ص: 116 ] قال أبو عمر :

نحن نذكر اختلاف الفقهاء في هذا الباب على شرطنا في هذا الكتاب لنبين بذلك موضع الصواب ، وبالله التوفيق ، فأما مالك رحمه الله فقد ذكرنا أن العمرى والسكنى عنده سواء ، وهو قول الليث وقول القاسم بن محمد ويزيد بن قسيط ، قال مالك : فإذا أعمره حياته وأسكنه حياته فهو شيء واحد ; فإن أراد المعمر أن يكريها فإنه يكريها قليلا قليلا ولا يبعد الكراء قال : وللمعمر أن يبيع منافع الدار وسكناه فيها من الذي أعمره ، ولا يبيعها من غيره .

وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما : وهو قول الثوري ، والحسن بن حي ، وابن شبرمة ، وأحمد بن حنبل ، وأبي عبيد العمري بهذا اللفظ هبة مبتوتة يملكها المعمر ملكا تاما رقبتها ومنافعها واشترطوا فيها القبض على أصولهم في الهبات قالوا : ومن أعمر رجلا شيئا في حياته فهو له حياته وبعد وفاته لورثته ; لأنه قد ملك رقبتها ، وشرط المعطي وذكره العمرى والحياة باطل ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبطل شرطه ، وجعلها بتلة للمعطى وسواء قال : هي ملك حياتك وهي لك ولعقبك بعدك عمرى حياتهم أو ما عشت وعاشوا ، كل ذلك باطل ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبطل الشرط في ذلك ، وإذا بطل شرطه لنفسه في حياة المعمر فكذلك حياة عقبه ، الشرط أيضا باطل وكل شرط أبطله [ ص: 117 ] الله أو رسوله فهو مردود ; لأن في إنفاذه تحليل الحرام ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وقال كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل يعني : ليس في حكم الله ، وفيما أباحه الله في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال عليه الصلاة والسلام : إنه من أعطى شيئا حياته فهو له ولورثته فأمسكوا عليكم أموالكم قالوا : والسكنى عارية لا يملك بها رقبة إنما يملك بها المنافع على شروط المسكن .

ومن حجتهم فيما ذهبوا إليه في العمرى ما رواه ابن جريج والثوري وجماعة عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال من أعمر شيئا حياته فهو له حياته وموته ، وحدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : ( حدثنا قاسم بن أصبغ ) قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا يحيى بن هشام قال : حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العمرى لمن وهبت له فجعلها هبة ، والفائدة في هذا الخطاب في تملكه الرقبة ; لأن المنافع أوضح من أن يحتاج إلى أن تعرف لمن هي في ذلك ؟ والله أعلم .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا جعفر بن محمد الصائغ قال : حدثنا محمد بن سابق قال : حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه [ ص: 118 ] وسلم - أيها الناس : أمسكوا عليكم أموالكم ، ولا تعمروا أحدا شيئا ; فإن من أعمر أحدا شيئا حياته فهو له حياته ومماته .

وذكر الشافعي عن ابن علية عن الحجاج بن أبي عثمان عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعمروا أحدا شيئا ؛ فإن من أعمر شيئا حياته فهو لمن أعمره حياته ومماته .

وروى حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر مثله سواء ، وهو قول جابر ، وابن عمر ، وابن عباس ذكر معمر عن أيوب بن حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت ابن عمر وسأله أعرابي أعطى ابنه ناقة له حياته فأنتجها فكانت إبلا فقال ابن عمر : هي له حياته ومماته قال : أفرأيت إن كان تصدق عليه ؟ قال : فذلك أبعد له وهذا الخبر يدل على أن مذهب ابن عمر في العمرى أنها خلاف السكنى ; ذلك أنه ورث حفصة بنت عمر دارها قال : وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت فلما توفيت ابنة زيد قبض عبد الله بن عمر المسكن ورأى أنه [ ص: 119 ] له ، وقوله : ورث حفصة دارها يريد من حفصة دارها ، ومن هذا قول أبي الحجناء :


أضحت جياد ابن قعقاع مقسمة في الأقربين بلا من ولا ثمن ورثتهم فتسلوا عنك إذ ورثوا
وما ورثتك غير الهم والحزن



أي ما ورثت الهم ، وقالت زينب الطبرية ترثى أخاها إدريس :


مضى وورثناه دريس مفاضة



وعلى هذا أكثر العلماء ، وجماعة أهل الفتوى في الفرق بين العمرى والسكنى ، وقالوا : لا تنصرف إلى صاحبها أبدا ، وكان الشعبي يقول : إذا قال : هو لك سكنى حتى تموت فهو له حياته وموته ، وإذا قال : داري هذه اسكنها حتى تموت ; فإنها ترجع إلى صاحبها ، وأما قول جابر ، فذكر عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال : أعمرت امرأة بالمدينة حائطا لها ابنا لها ، ثم توفي وترك ولدا وتوفيت بعده ، وتركت ولدين أخوين سوى المعمر أظنه قال : فقال ولد المعمرة : يرجع الحائط إلينا ، وقال ولد المعمر : بل كان لأبينا حياته وموته ; فاختصموا إلى طارق مولى عثمان فدخل جابر فشهد على رسول الله صلى الله [ ص: 120 ] عليه وسلم بالعمرى لصاحبها ; فقضى بذلك طارق ، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره بذلك وأخبره بشهادة جابر فقال عبد الملك : صدق جابر وأمضى ذلك طارق وقال : ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم .

وروى يعلى بن عبيد وغيره عن الثوري ، عن أبي الزبير ، عن طاوس عن ابن عباس قال : لا تحل العمرى ولا الرقبى فمن أعمر شيئا فهو له ، ومن أرقب شيئا فهو له ، وهو قول طاوس ومجاهد ، وسليمان بن يسار ، وبه كان يقضي شريح ، وقال من ذهب إلى هذا القول : إنه لا يصح لأحد أن يدعي العمل في هذه المسألة بالمدينة ; لأن الخلاف في المدينة فيها قديما وحديثا أشهر من أن يحتاج إلى ذكره ، واحتجوا أيضا بما حدثناه عبد الرحمن بن يحيى قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا محمد بن مسعود قال : ثنا يحيى بن سعيد القطان عن سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العمرى جائزة لأهلها أو ميراث لأهلها .

وروى حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن محمد ابن الحنفية عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العمرى جائزة لأهلها ، وحدثني عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا عبيد الله بن عمر قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا سعيد [ ص: 121 ] عن قتادة عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : العمرى ميراث لأهلها .

وحدثني أحمد بن قاسم قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سليمان بن يسار قال : قضى طارق بالمدينة العمرى للوارث على قول جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيها وحدثني عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إبراهيم بن إسحاق قال : حدثنا محمد بن عبد الله الزرقي قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن يعني الطفاوي قال : حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن المهاجرين لما قدموا على الأنصار جعل الأنصار يعمرونهم دورهم حياتهم فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال للأنصار : أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها ، فإنه من أعمر شيئا فهو له ولورثته إذا مات .

وحدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن إسماعيل قال : حدثنا الحميدي قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا عمرو بن دينار أنه سمع طارقا يحدث عن حجر المدري عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالعمرى للوارث

[ ص: 122 ] وفي هذه المسألة قول ثالث قاله أبو ثور ، وداود بن علي ، وهو قول أبي سلمة بن عبد الرحمن وابن شهاب وابن أبي ذئب قالوا : إذا قال الرجل : هذه الدار وهذا الشيء لك عمري أو عمرك أو حياتي أو حياتك ; فإن ذلك ينصرف إلى المعطي ; إذا مات المعطي وانقضى الشرط ; فإن مات المعطي قبل انقضاء الشرط ; انصرف إلى ورثته ، وليس في هذا تمليك شيء من الرقاب حتى يكون فيه ذكر العقب ، وإذا قال المعطي : هو لك ولعقبك زال ملك المعطي عنها ، وصارت ملكا للمعطى يورث عنه ، وقد روي عن يزيد بن قسيط مثل هذا القول أيضا وحجة من ذهب إليه حديث أبي سلمة عن جابر من رواية مالك وغيره ، عن ابن شهاب ، وقد تقدم ذكره قالوا : فهذا هو الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من رواية الثقات الفقهاء الأثبات قالوا : وليس حديث أبي الزبير مما يعارض به حديث ابن شهاب ، ولا في حديث أبي هريرة ، وزيد بن ثابت ، ومعاوية بيان ، وهي محتملة للتأويل ، وحديث ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر حديث مفسر يرتفع معه الأشكال ; لأنه جعل لذكر العقب حكما ، وللسكوت عنه حكما يخالفه ، وبه أفتى أبو سلمة ، وإليه كان يذهب ابن شهاب ، وهم رواة الحديث ، وإليهم ينصرف في تأويله مع موضعهم من الفقه والجلالة ، وليس من خالفهم ممن يقاس بهم ، قالوا : وحديث معمر حديث صحيح لا معنى لقول من تكلم فيه ; لأن معمرا من أثبت الناس في ابن شهاب وأحسنهم نقلا عنه ، لا سيما ما حدث به ظاهرا من كتبه ، وإنما وجد عليه شيئا من الغلط فيما حدث به منبالعراق ، وحديثه هذا من رواية أهل اليمن عنه صحيح . هذا كله [ ص: 123 ] معنى ما احتج به القوم ، ومن ذهب مذهبهم ، وبالله التوفيق .

حدثني محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا إسحاق بن أبي حسان قال : حدثنا هشام بن عمار قال : حدثنا عبد الحميد كاتب الأوزاعي قال : قلت للزهري : الرجل يقول للرجل : جاريتي هذه لك حياتك أيحل له فرجها ؟ قال : لا . فقال : فإن قال : هي لك عمرى ، أيحل له فرجها ؟ قال : لا حتى يبتها له ، إنما العمرى التي لا يكون للمعطى فيها شيء ، أن يعطيها للرجل ولعقبه ، ليس للمعطى فيها مثنوية




الخدمات العلمية