الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4441 ) فصل : وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض ، بطلت الهبة ، سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده . ذكره القاضي في موت الواهب ; لأنه عقد جائز فبطل بموت أحد المتعاقدين ، كالوكالة والشركة . وقال أحمد ، في رواية أبي طالب ، وأبي الحارث ، في رجل أهدى هدية فلم تصل إلى المهدي إليه ، حتى مات ; فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها .

                                                                                                                                            وروي بإسناده عن أم كلثوم بنت أبي سلمة ، قالت : { لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة ، قال لها : إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك ، ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة علي ، فإن ردت فهي لك . قالت : فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت عليه هديته ، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك ، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة . }

                                                                                                                                            وإن مات صاحب الهدية قبل أن تصل إلى المهدى إليه ، رجعت إلى ورثة المهدي ، وليس للرسول حملها إلى المهدى إليه ، إلا أن يأذن له الوارث

                                                                                                                                            ولو رجع [ ص: 381 ] المهدي في هديته قبل وصولها إلى المهدى إليه ، صح رجوعه فيها ، والهبة كالهدية . وقال أبو الخطاب إذا مات الواهب ، قام وارثه مقامه في الإذن في القبض والفسخ . وهذا يدل على أن الهبة لا تنفسخ بموته . وهذا قول أكثر أصحاب الشافعي ; لأنه عقد مآله إلى اللزوم ، فلم ينفسخ بالموت كالبيع المشروط فيه الخيار . وكذلك يخرج فيما إذا مات الموهوب له بعد قبوله

                                                                                                                                            وإن مات أحدهما قبل القبول ، أو ما يقوم مقامه ، بطلت ، وجها واحدا ; لأن العقد لم يتم ، فأشبه ما لو أوجب البيع ، فمات أحدهما قبل القبول من المشتري . وإذا قلنا : إن الهبة لا تبطل فمات أحدهما بعد الإذن في القبض ، بطل الإذن ، وجها واحدا ; لأن الميت إن كان هو الواهب فقد انتقل حقه في الرجوع في الهبة إلى وارثه ، فلم يلزم بغير إذنه . وإن كان الموهوب له ، فلم يوجد الإذن ، لوارثه ، فلم يملك القبض بغير إذن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية