الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        صفحة جزء
                        وأما الاختلاف من جهة كونها ظاهرة المأخذ أو مشكلة :

                        فلأن الظاهر عند الإقدام عليها محض مخالفة ، فإن كانت مشكلة; فليست بمحض مخالفة; لإمكان أن لا تكون بدعة ، والإقدام على المحتمل أخفض رتبة من الإقدام على الظاهر .

                        ولذلك عد العلماء ترك المتشابه من قبيل المندوب إليه في الجملة ، ونبه الحديث على أن ترك المتشابه لئلا يقع في الحرام ، فهو حمى له ، وأن واقع المتشابه واقع في الحرام ، وليس ترك الحرام في الجملة من قبيل المندوب ، بل من قبيل الواجب ، فكذلك حكم الفعل المشتبه في البدعة ، فالتفاوت بينهما بين .

                        وإن قلنا : إن ترك المتشابه من باب المندوب ، وإن مواقعته من باب المكروه; فالاختلاف أيضا واقع من هذه الجهة; فإن الإثم في المحرمة هو الظاهر ، وأما المكروهة; فلا إثم فيها في الجملة; ما لم يقترن بها ما [ ص: 223 ] يوجبها ، كالإصرار عليها ، إذ الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة ، فكذلك الإصرار على المكروه ، فقد يصيره صغيرة ، ولا فرق بين الصغيرة والكبيرة في مطلق التأثيم ، وإن حصل الفرق من جهة أخرى; بخلاف المكروه مع الصغيرة .

                        والشأن في البدع وإن كانت مكروهة ( في ) الدوام عليها وإظهارها من المقتدى بهم في مجامع الناس وفي المساجد ، فقلما تقع منهم على أصلها من الكراهية إلا ويقترن بها ما يدخلها في مطلق التأثيم; من إصرار ، أو تعليم ، أو إشاعة ، أو تعصب لها . . . . أو ما أشبه ذلك ، فلا يكاد يوجد في البدع بحسب الوقوع مكروه لا زائد فيه على الكراهية ، والله أعلم .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية