الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون .

                                                                                                                                                                                                                                      اختلفوا فيمن نزلت على قولين أحدهما: أنها نزلت في عبد الله بن أبي وأصحابه . قاله ابن عباس . والثاني: أنها نزلت في المنافقين وغيرهم من أهل الكتاب الذين كانوا يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان ما يلقون رؤساءهم بضده ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      فأما التفسير فـ "إلى" بمعنى "مع" كقوله تعالى: من أنصاري إلى الله أي: مع الله . والشياطين: جمع شيطان ، قال الخليل: كل متمرد عند العرب شيطان . وفي هذا الاسم قولان . أحدهما: أنه من شطن ، أي: بعد عن الخير ، فعلى هذا تكون النون أصلية .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أمية بن أبي الصلت في صفة سليمان عليه السلام:


                                                                                                                                                                                                                                      أيما شاطن عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلال



                                                                                                                                                                                                                                      عكاه: أوثقه . وقال النابغة:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 35 ]

                                                                                                                                                                                                                                      نأت بسعاد عنك نوى شطون     فبانت والفؤاد بها رهين .



                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنه من شاط يشيط: إذا التهب واحترق ، فتكون النون زائدة . وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      وقد يشيط على أرماحنا البطل



                                                                                                                                                                                                                                      أي: يهلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي المراد بشياطينهم ثلاثة أقوال . أحدها: أنهم رؤوسهم في الكفر ، قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، والسدي . والثاني: إخوانهم من المشركين ، قاله أبو العالية ، ومجاهد . والثالث: كهنتهم قاله الضحاك ، والكلبي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنا معكم .

                                                                                                                                                                                                                                      فيه قولان . أحدهما: أنهم أرادوا: إنا معكم على دينكم . والثاني: إنا معكم على النصرة والمعاضدة . والهزء: السخرية .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية