الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل .

في أسماء السور .

قال القتبي : السورة تهمز ولا تهمز ، فمن همزها جعلها من أسأرت ، أي : أفضلت ، من السؤر ، وهو : ما بقي من الشراب في الإناء ، كأنها قطعة من القرآن . ومن لم يهمزها جعلها من المعنى المتقدم وسهل همزها .

ومنهم من يشبهها بسورة البناء ، أي : القطعة منه ، أي : منزلة بعد منزلة .

وقيل : من سور المدينة ، لإحاطتها بآياتها واجتماعها ، كاجتماع البيوت بالسور ومنه السوار لإحاطته بالساعد .

وقيل : لارتفاعها ; لأنها كلام الله ، والسورة المنزلة الرفيعة . قال النابغة :


ألم تر أن الله أعطاك سورة ترى كل ملك حولها يتذبذب

.

وقيل : لتركيب بعضها على بعض ، من التسور بمعنى التصاعد والتركب ، ومنه : إذ تسوروا المحراب [ ص : 21 ] .

[ ص: 192 ] وقال الجعبري : حد السورة قرآن يشتمل على آية ، ذي فاتحة وخاتمة ، وأقلها ثلاث آيات .

وقال غيره : السورة الطائفة المترجمة توقيفا ، أي : المسماة باسم خاص بتوقيف من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

وقد ثبت جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار ، ولولا خشية الإطالة لبينت ذلك .

ومما يدل لذلك : ما أخرجه ابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : كان المشركون يقولون : سورة البقرة وسورة العنكبوت ، يستهزئون بها ، فنزل إنا كفيناك المستهزئين [ الحجر : 95 ] .

وقد كره بعضهم أن يقال : سورة كذا لما رواه الطبراني والبيهقي ، عن أنس مرفوعا لا تقولوا سورة البقرة ولا سورة آل عمران ولا سورة النساء ، وكذا القرآن كله ، ولكن قولوا : السورة التي تذكر فيها البقرة ، والتي يذكر فيها آل عمران ، وكذا القرآن كله وإسناده ضعيف ، بل ادعى ابن الجوزي أنه موضوع .

وقال البيهقي : إنما يعرف موقوفا على ابن عمر ، ثم أخرجه عنه بسند صحيح ، وقد صح إطلاق سورة البقرة وغيرها عنه - صلى الله عليه وسلم - .

وفي الصحيح : عن ابن مسعود أنه قال : هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة . ومن ثم لم يكرهه الجمهور .

التالي السابق


الخدمات العلمية