الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                السبب الثاني : لتحريم الصيد الحرم وهو أيضا يقتضي تحريم النبات والشجر ، وهما حرمان حرم مكة وحرم المدينة فالحرم الأول حرم مكة ، والأصل فيه : ما في الصحيحين ( لما فتح الله على رسوله مكة قام عليه السلام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، لا [ ص: 336 ] يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام : إلا الإذخر ) .

                                                                                                                فائدة : القين : الحداد ، والعضد : الكسر .

                                                                                                                وفيه فصلان : الأول في الصيد وهو كالإحرام في جنس ما يحرم والتسبب للإتلاف والجزاء ، قال صاحب ( القبس ) : وروي عن مالك : أن قتل الصيد في الحرم ليس مثل قتل المحرم الصيد في التحريم قال : وهذا خلاف قوله تعالى : ( لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) [ المائدة 95 ] والحرم : ما كان في الحرم محرما .

                                                                                                                فروع ثلاثة : الأول في ( الكتاب ) : يجوز ذبح الحلال بمكة الحمام الإنسي والوحشي ، والصيد يدخله من الحل ، وقاله ( ش ) ، ومنعه ( ح ) وابن حنبل بسبب الحرم ، قياسا على ما إذا كان عنده صيد وهو حلال فأحرم ، وقياسا للحرم عن الإحرام . والجواب على الأول : المعارضة بإجماع الحرمين ، والقياس على الشجر إذا عبر إلى الحرم ، وعن الثاني : الفرق فإن الإحرام غلظ فيه الشرع لسرعة زواله وله مندوحة عن مباشرة الصيد حينئذ ، وساكنو الحرم يضطرون لذلك ، وهو يطول عليهم أبد الدهر ، وهو الجواب عن الثالث ، قال سند : وأما العابر بالصيد إلى الحرم وهو عابر سبيل لا يذبحه فيه لعدم الضرورة ، قال ابن القاسم : ويجب عليه إرساله فإن أكله بعد خروجه من الحرم وداه خلافا لأشهب في الذبح بمكة من أهلها وغيرهم .

                                                                                                                الثاني : في ( الكتاب ) : ما وقع من الجراد في الحرم لا يصيده حلال ولا حرام ; لأنه صيد البر ، قال كعب بن عجرة : هو من صيد البحر ; لأنه نثرة [ ص: 337 ] حوت ، وهو في الترمذي ، وجوابه : أن ذلك أصله ، والمرعي حاله الحاضرة فإنه يموت في الماء ، وقد كانت الخيل متوحشة فأنسهاإسماعيل وهي إلى الآن متوحشة بالهند ، ومع هذا فما تراعى حالها الحاضرة .

                                                                                                                الثالث في ( الموازية ) : قال ابن القاسم : في الجراد قبضة من طعام ، وهو مروي عن ابن عباس ، وأوجب ( ش ) تمرة ، وهو مروي عن عمر - رضي الله عنه - وفي ( الجلاب ) : في الكثير من الجراد قيمته من الطعام ، وقد تقدم بعض فروعه في السبب الأول .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية