الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فيمن حلف على سكنى دار لا يسكنها

( سئل الشافعي ) رحمه الله تعالى فقيل له فإنا نقول فيمن حلف أن لا يسكن هذه الدار وهو فيها ساكن أنه يؤمر بالخروج من ساعة حلف ولا نرى عليه حنثا في أقل من يوم وليلة إلا أن يكون له نية في تعجيل الخروج قبل يوم وليلة فإنه حانث إذا أقام يوما وليلة ، أو يقول : نويت أن لا أعجل حتى أجد منزلا فيكون ذلك له ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا حلف الرجل أن لا يسكن الدار وهو فيها ساكن أخذ في الخروج مكانه فإن تخلف ساعة وهو يمكنه الخروج منها حنث ولكنه يخرج منها ببدنه متحولا ولا يضره أن يتردد على حمل متاعه منها وإخراج أهله لأن ذلك ليس بسكن قال فإنا نقول في الرجل يحلف أن لا يساكن الرجل وهما في دار واحدة ليس لها مقاصير كل بيت يدخله ساكنه أو كانت لها مقاصير يسكن كل مقصورة منها ساكنها ، وكان الحالف مع المحلوف عليه في بيت منها ، أو في مقصورة من مقاصيرها أو في حجرة المقصورة دون البيت وصاحب المحلوف عليه في البيت أنه يخرج مكانه حين حلف أنه لا يساكنه في البيت إلى أي بيوت الدار شاء وليس له أن يساكنه في المقصورة التي كانت فيها اليمين ، وإن كان معه في البيت وليس له مقصورة ، أو له مقصورة ، أو كان في مقصورة دون البيت ، والآخر في البيت دون المقصورة أنه إن أقام في البيت ، أو في المقصورة يوما وليلة كان حانثا وإن أقام أقل من ذلك لغير المساكنة لم يكن عليه حنث إذا خرج إلى أي بيوت الدار ومقاصيرها شاء ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا حلف أن لا يساكن الرجل وهو ساكن معه فهي كالمسألة قبلها يخرج منها مكانه ، أو يخرج الرجل مكانه فإن أقاما جميعا ساعة بعدما أمكنه أن يتحول عنه حنث ، وإن كانا في بيتين فجعل بينهما حاجز ، أو لكل واحد من الحجرتين باب فليست هذه مساكنة وإن كانا في دار واحدة ، والمساكنة أن يكونا في بيت ، أو بيتين حجرتهما ومدخلهما واحد ، فأما إذا افترق البيتان ، والحجرتان فليست مساكنة .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى وإنما جوابنا في هذه الأيمان كلها إذا حلف لا نية له إنما خرجت اليمين منه بلا نية ، فأما إذا كانت اليمين بنية فاليمين على ما نوى قال فإنا نقول إذا نقل أهله وعياله وترك متاعه فإنا [ ص: 76 ] نستحب له أن ينتقل بجميع متاعه وأن لا يخلف شيئا من متاعه ، وإن خلف شيئا منه ، أو خلفه كله فلا حنث عليه فإن خلف أهله وولده فهو حانث ; لأنه ساكن بعد ، والمساكنة التي حلف عليها هي المساكنة منه ومن عياله لمن حلف أن لا يساكنه

التالي السابق


الخدمات العلمية