الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4133 (19) باب النهي عن الكهانة، وعن إتيان الكهان، وما جاء في الخط

                                                                                              [ 2168 ] عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله، أمورا كنا نصنعها في الجاهلية; كنا نأتي الكهان! قال: فلا تأتوا الكهان. قال: قلت: كنا نتطير! قال: ذاك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدهم. قال: قلت: ومنا رجال يخطون! قال: كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك.

                                                                                              رواه مسلم (537) (121).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (19) ومن باب النهي عن الكهانة وإتيان الكهان

                                                                                              الكهان: جمع كاهن، ككتاب جمع كاتب، والكهانة: ادعاء علم الغيب، وقد تكلمنا على حديث معاوية بن الحكم في باب نسخ الكلام في الصلاة. قال القاضي أبو الفضل : الكهانة كانت في العرب على أربعة أضرب:

                                                                                              أحدها: أن يكون للإنسان رئي من الجن يخبره بما يسترق من السمع، وهذا [ ص: 633 ] القسم قد بطل منذ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كما نص الله تعالى عليه في الكتاب.

                                                                                              والثاني: أن يخبره بما يطرأ ويكون في أقطار الأرض، وما يخفى مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده.

                                                                                              ونفت هذا كله المعتزلة وبعض المتكلمين وأحالوه، ولا استحالة ولا بعد في وجود مثل هذا، لكنهم بعد يكذبون، والنهي عام في تصديقهم والسماع منهم.

                                                                                              الثالث: التخمين والحزر، وهذا يخلق الله فيه لبعض الناس شدة قوة، لكن الكذب في هذا الباب أغلب. قال: ومن هذا الباب العرافة، وصاحبها عراف، وهو الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها. وقد يعتضد بعض أهل هذا الفن في ذلك بالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة في ذلك، وهذا الفن هي العيافة – بالياء - وكلها ينطلق عليها اسم الكهانة.

                                                                                              قلت: وإذا كان كذلك فسؤالهم عن غيب ليخبروا عنه حرام، وما يأخذون على ذلك حرام، ولا خلاف فيه; لأنه حلوان الكاهن المنهي عنه.

                                                                                              قال أبو عمر : ويجب على من ولي الحسبة أن يقيمهم من الأسواق وينكر عليهم أشد النكير، ولا يدع أحدا يأتيهم لذلك، وإن ظهر صدق بعضهم في بعض الأمور فليس ذلك بالذي يخرجهم عن الكهانة، فإن تلك الكلمة إما خطفة جني أو موافقة قدر ليغتر به بعض الجهال، ولقد انخدع كثير من المنتسبين للفقه والدين فجاؤوا إلى هؤلاء الكهنة والعرافين فبهرجوا عليهم بالمحال، واستخرجوا منهم الأموال، فحصلوا من أقوالهم على السراب والآل، ومن أديانهم على الفساد والضلال.




                                                                                              الخدمات العلمية