الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4464 ) فصل : وقول الخرقي : " أمر برده " . يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده . وهو ظاهر مذهب أحمد ، سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد ، وهذا مذهب مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبي ثور . وعن أحمد ، رواية أخرى : ليس له الرجوع فيها . وبها قال أصحاب الرأي ، والثوري ، والعنبري ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : العائد [ ص: 390 ] في هبته ، كالعائد في قيئه } . متفق عليه

                                                                                                                                            وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة رحم ، أو على وجه صدقة ، فإنه لا يرجع فيها ، ومن وهب هبة أراد بها الثواب ، فهو على هبته ، يرجع فيها إذا لم يرض منها . رواه مالك ، في " الموطأ " . ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى ، فلم يجز الرجوع فيها ، كصدقة التطوع . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لبشير بن سعد : " فاردده " . وروي : " فأرجعه " . رواه كذلك مالك عن الزهري ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته ،

                                                                                                                                            وأقل أحوال الأمر الجواز وقد امتثل بشير بن سعد في ذلك ، فرجع في هبته لولده ، ألا تراه قال في الحديث : فرجع أبي ، فرد تلك الصدقة . وحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا ، يخالف ظاهر الحديث ; لقوله : تصدق علي أبي بصدقة . وقول بشير : إني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " فاردده " . وقوله : " فأرجعه " . وروى طاوس ، عن ابن عمر ، وابن عباس ، يرفعان الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { : ليس لأحد أن يعطي عطية ، فيرجع فيها ، إلا الوالد فيما يعطي ولده } رواه الترمذي . وقال : حديث حسن .

                                                                                                                                            وهذا يخص عموم ما رووه ويفسره . وقياسهم منقوض بهبة الأجنبي ; فإن فيها أجرا وثوابا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ندب إليها . وعندهم له الرجوع فيها ، والصدقة على الولد كمسألتنا ، وقد دل حديث النعمان بن بشير على الرجوع في الصدقة ; لقوله : تصدق علي أبي بصدقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية