قال المصنف رحمه الله تعالى : ( فإن أفطرتا وعليهما القضاء دون الكفارة ; لأنهما أفطرتا للخوف على أنفسهما فوجب [ ص: 273 ] عليهما القضاء دون الكفارة كالمريض ، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء بدلا عن الصوم ، وفي الكفارة ثلاثة أوجه . خافت الحامل والمرضع على أنفسهما
( قال ) في الأم : يجب عن كل يوم مد من الطعام وهو الصحيح ; لقوله تعالى { وعلى الذين يطيقونه فدية } قال : نسخت هذه الآية وبقيت الرخصة للشيخ الكبير والعجوز والحامل والمرضع إن خافتا على ولديهما أفطرتا وأطعمتا كل يوم مسكينا . ابن عباس
( والثاني ) أن الكفارة مستحبة غير واجبة ، وهو قول ; لأنه إفطار بعذر ، فلم تجب فيه الكفارة كإفطار المريض . المزني
( والثالث ) يجب على المرضع دون الحامل ; لأن الحامل أفطرت لمعنى فيها فهي كالمريض ، والمرضع أفطرت لمنفصل عنها فوجب عليها الكفارة ، والله أعلم ) .
التالي
السابق
( الشرح ) هذا المنقول عن رضي الله عنهما رواه ابن عباس أبو داود بإسناد حسن عنه ، قال أصحابنا : أفطرتا وقضتا ، ولا فدية عليهما كالمريض ، وهذا كله لا خلاف فيه ، وإن الحامل والمرضع إن خافتا من الصوم على أنفسهما فكذلك بلا خلاف صرح به خافتا على أنفسهما وولديهما الدارمي والسرخسي وغيرهما ، وإن أفطرتا وقضتا بلا خلاف ، وفي الفدية هذه الأقوال التي ذكرها خافتا على ولديهما لا على أنفسهما المصنف ( أصحها ) باتفاق الأصحاب وجوبها كما صححه المصنف ، وهو المنصوص في الأم والمختصر وغيرهما . قال صاحب الحاوي : وهو نصه في القديم والجديد ، ونقله الربيع ، قال هو وغيره : ونص في والمزني البويطي على وجوب الفدية على المرضع دون الحامل فحصل في الحمل قولان ونقل في الإفصاح أن أبو علي الطبري نص في موضع آخر على أن الفدية ليست بواجبة على واحدة منهما ، بل هي مستحبة ، وجعل الشافعي الماوردي والسرخسي وآخرون هذا الثالث مخرجا من نص البويطي في الحامل . قال الماوردي ومنهم من أنكر هذا الثالث ، وكذا قاله غيره ، واقتصر البغوي والجرجاني وخلق من الأصحاب على قولين في الحامل [ ص: 274 ] وقطعوا بالوجوب على المرضع . والله أعلم . ؟ فيه طريقان ( أصحهما ) وبه قطع فإذا أوجبنا الفدية فهل تتعدد بتعدد الأولاد البغوي : لا .
( والثاني ) فيه وجهان حكاه الرافعي .
( والثاني ) فيه وجهان حكاه الرافعي .
( فرع ) إذا أوجبنا الفدية على المرضع إذا أفطرت للخوف على ولدها ، فلو ( فالصحيح ) بل الصواب الذي قطع به استؤجرت لإرضاع ولد غيرها في فتاويه ، وصاحب التتمة وغيرهما أنه لا يجوز لها الإفطار وتفدي ، كما في ولدها بل قال القاضي حسين : يجب عليها الإفطار إن تضرر الرضيع بالصوم واستدل صاحب التتمة بالقياس على السفر ، فإنه يستوي في جواز الإفطار به من سافر لغرض نفسه وغرض غيره بأجرة وغيرها ، وشذ القاضي حسين الغزالي في فتاويه فقال : ليس لها أن تفطر ولا خيار لأهل الصبي وهذا غلط ظاهر . قال : وعلى من تجب فدية فطرها في هذا الحال ؟ فيه احتمالان : هل هي عليها أم على المستأجر ؟ كما لو استؤجر للتمتع فهل يجب دمه على الأجير أو المستأجر ؟ فيه وجهان ، كذا قال القاضي حسين ، ولعل الأصح وجوبها على المرضع بخلاف دم التمتع فإن الأصح وجوبه على المستأجر ; لأنه من تتمة الحج الواجب على المستأجر وهنا الفطر من تتمة إيصال المنافع الواجبة على المرضع . قال القاضي : ولو كان هناك نسوة مراضع فأرادت واحدة أن تأخذ صبيا ترضعه تقربا إلى الله تعالى ، جاز لها الفطر للخوف عليه ، وإن لم يكن متعينا عليها . القاضي
( فرع ) لو كانت بنية الترخص بالمرض أو السفر فلا فدية عليها بلا خلاف ، وإن لم تقصد الترخص وأفطرت للخوف على الولد لا على نفسها ، ففي وجوب الفدية وجهان كالوجهين في فطر المسافر بالجماع لا بنية الترخص كذا ذكره المرضع أو الحامل مسافرة أو مريضة فأفطرت البغوي وغيره ، والأصح في جماع المسافر المذكور لا كفارة ، كما سنوضحه في موضعه ، إن شاء الله تعالى .
فرع في . قد ذكرنا أن مذهبنا أنهما إن خافتا على أنفسهما لا غير ، أو على أنفسهما وولدهما أفطرتا وقضتا ، ولا فدية عليهما بلا خلاف ، [ ص: 275 ] وإن أفطرتا للخوف على الولد أفطرتا وقضتا والصحيح وجوب الفدية ، قال مذاهب العلماء في الحامل والمرضع إذا خافتا فأفطرتا : وللعلماء في ذلك أربعة مذاهب ، قال ابن المنذر ابن عمر وابن عباس : يفطران ويطعمان ، ولا قضاء عليهما ، وقال وسعيد بن جبير عطاء بن أبي رباح والحسن والضحاك والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأبو حنيفة والثوري وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي : يفطران ويقضيان ، ولا فدية كالمريض ، وقال الشافعي : يفطران ويقضيان ويفديان وروي ذلك عن وأحمد ، وقال مجاهد : الحامل تفطر وتقضي ولا فدية والمرضع تفطر وتقضي وتفدي وقال مالك : وبقول ابن المنذر أقول . عطاء