الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ( 26 ) )

يقول - تعالى ذكره - : فصدق إبراهيم خليل الله لوط ( وقال إني مهاجر إلى ربي ) [ ص: 26 ] يقول : وقال إبراهيم : إني مهاجر دار قومي إلى ربي إلى الشام .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ( فآمن له لوط ) قال : صدق لوط ( وقال إني مهاجر إلى ربي ) قال : هو إبراهيم .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( فآمن له لوط ) أي فصدقه لوط ( وقال إني مهاجر إلى ربي ) قال : هاجرا جميعا من كوثى ، وهي من سواد الكوفة إلى الشام . قال : وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ينحاز أهل الأرض إلى مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها ، حتى تلفظهم وتقذرهم ، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير " .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فآمن له لوط ) قال : صدقه لوط ، صدق إبراهيم ، قال : أرأيت المؤمنين ، أليس آمنوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء به ؟ قال : فالإيمان : التصديق . وفي قوله : ( إني مهاجر إلى ربي ) قال : كانت هجرته إلى الشأم .

وقال ابن زيد في حديث الذئب الذي كلم الرجل ، فأخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فآمنت له أنا وأبو بكر وعمر " ، وليس أبو بكر ولا عمر معه يعني : آمنت له : صدقته .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : ( فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي ) قال : إلى حران ، ثم أمر بعد بالشأم الذي هاجر إبراهيم ، وهو أول من هاجر يقول : ( فآمن له لوط وقال ) إبراهيم ( إني مهاجر . . . ) الآية .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي ) إبراهيم القائل : ( إني مهاجر إلى ربي ) .

وقوله : ( إنه هو العزيز الحكيم ) يقول : إن ربي هو العزيز الذي لا يذل من [ ص: 27 ] نصره ، ولكنه يمنعه ممن أراده بسوء ، وإليه هجرته ، الحكيم في تدبيره خلقه ، وتصريفه إياهم فيما صرفهم فيه .

التالي السابق


الخدمات العلمية