الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4503 ) مسألة قال : ( فإن جاء ربها ، وإلا كانت كسائر ماله ) وجملته أنه إذا عرف اللقطة حولا ، فلم تعرف ، ملكها ملتقطها ، وصارت من ماله ، كسائر أمواله ، غنيا كان الملتقط أو فقيرا . وروي نحو ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وعائشة رضي الله عنهم . وبه قال عطاء ، والشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر . وروي ذلك عن علي ، وابن عباس ، والشعبي ، والنخعي ، وطاوس ، وعكرمة

                                                                                                                                            وقال مالك ، والحسن بن صالح ، والثوري ، وأصحاب الرأي : يتصدق بها ، فإذا جاء صاحبها خيره بين الأجر والغرم ; لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه سئل عن اللقطة ، فقال : عرفها حولا . وروي : ثلاثة أحوال ، فإن جاء ربها ، وإلا تصدق بها ، فإذا جاء ربها ، فرضي بالأجر ، وإلا غرمها } . ولأنها مال لمعصوم ، لم يرض بزوال ملكه عنها ، ولا وجد منه سبب يقتضي ذلك ، فلم يزل ملكه عنه ، كغيرها

                                                                                                                                            قالوا : وليس له أن يتملكها ، إلا أن أبا حنيفة قال : له ذلك إن كان فقيرا من غير ذوي القربى ; لما روى عياض بن حمار المجاشعي ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من وجد لقطة فليشهد عليها ذا عدل ، ولا يكتم ولا يغيب ، فإن وجد صاحبها فليرددها عليه ، وإلا فهي مال الله يؤتيه من يشاء } . رواه النسائي . قالوا : وما يضاف إلى الله تعالى ، إنما يتملكه من يستحق الصدقة . ونقل حنبل ، عن أحمد مثل هذا القول

                                                                                                                                            وأنكره الخلال ، وقال : ليس هذا مذهبا لأحمد . [ ص: 8 ] ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد : { فإن لم تعرف ، فاستنفقها } . وفي لفظ : " وإلا فهي كسبيل مالك " . وفي لفظ : " ثم كلها " . وفي لفظ : " فانتفع بها " . وفي لفظ : " فشأنك بها " . وفي حديث أبي بن كعب : " فاستنفقها " . وفي لفظ : " فاستمتع بها " . وهو حديث صحيح . ولأن من ملك بالقرض ملك باللقطة كالفقير ، ومن جاز له الالتقاط ملك به بعد التعريف ، كالفقير . وحديثهم عن أبي هريرة لم يثبت ، ولا نقل في كتاب يوثق به

                                                                                                                                            ودعواهم في حديث عياض أن ما يضاف إلى الله لا يتملكه إلا من يستحق الصدقة . لا برهان لها ، ولا دليل عليها ، وبطلانها ظاهر ; فإن الأشياء كلها تضاف إلى الله تعالى خلقا وملكا ، قال الله تعالى : { وآتوهم من مال الله الذي آتاكم } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية