الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين ( 33 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ( ولما أن جاءت رسلنا لوطا ) من الملائكة ( سيء بهم ) يقول : ساءته الملائكة بمجيئهم إليه ، وذلك أنهم تضيفوه ، فساءوه بذلك ، فقوله : ( سيء بهم ) : فعل بهم من ساءه بذلك .

وذكر عن قتادة أنه كان يقول : ساء ظنه بقومه ، وضاق بضيفه ذرعا .

حدثنا بذلك الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر عنه ( وضاق بهم ذرعا ) يقول : وضاق ذرعه بضيافتهم لما علم من خبث فعل قومه .

كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا ) قال : بالضيافة مخافة عليهم مما يعلم من شر قومه .

وقوله : ( وقالوا لا تخف ولا تحزن ) يقول - تعالى ذكره - : قالت الرسل للوط : [ ص: 33 ] لا تخف علينا أن يصل إلينا قومك ، ولا تحزن مما أخبرناك من أنا مهلكوهم ، وذلك أن الرسل قالت له : ( يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ) ، ( إنا منجوك ) من العذاب الذي هو نازل بقومك ( وأهلك ) يقول : ومنجو أهلك معك ( إلا امرأتك ) فإنها هالكة فيمن يهلك من قومها ، كانت من الباقين الذين طالت أعمارهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية