الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الحادي عشر : التزين بإماطة الأذى والتنظيف ، والأصل في منع هذا النوع قوله عليه السلام : ( المحرم أشعث أغبر ) وفيه تفريعات ثلاثة : [ ص: 345 ] الأول في ( الكتاب ) : إذا خضب رأسه أو لحيته بحناء أو وسمة ، أو المحرمة يديها أو رجليها أو رأسها أو طرفت أصابعها : افتديا ، وإن خضب أصبعه لجرح فعليه الفدية إن كان للتداوي ، وإلا فلا ويفتدي في مداواته بالطيب مطلقا ; لكثرة الرفاهية في الطيب ، وقال الشافعية : إنما توجب الحناء الفدية في الرأس إذا سترها ; لأن أزواجه عليه السلام كن يختضبن بالحناء وهن حرم ، ووافقنا ( ح ) إن عم العضو وإلا فلا ، لنا : القياس على الدهن بجامع إزالة الشعث وهذه أولى لما فيه من العطرية ، ويمنع صحة حديثهم ، قال : ولا بأس بالغسل بالأشنان غير المطيب .

                                                                                                                الثاني : في ( الكتاب ) : من دهن كفيه أو قدميه من الشقاق فلا شيء عليه ، وإن دهنهما لغير علة فعليه الفدية ، لما في ( الموطأ ) أن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : يا أهل مكة ما شأن الناس يأتون شعثا وأنتم مدهنون ، أهلوا إذا رأيتم الهلال . فدل على أن الدهن يمنع منه المحرم ، ولا خلاف في الفدية في دهن الرأس كان عليه شعر أو لا ، وقال مالك و ( ح ) بها في دهن الجسد ، خلافا ل ( ش ) وابن حنبل ، وقال سند : إذا استعمل الدهن في جسده لعذر افتدى لإزالته الشعث ، وأثر الضرورة نفي الإثم .

                                                                                                                الثالث : في ( الكتاب ) : لا بأس بالائتدام ( بالسيرج والسمن ، ويكره الائتدام والاستعاط بدهن البنفسج وشبهه ، وله كحل عين ) بالإثمد لحر يجده إلا أن يكون مطيبا ، وإن اكتحل للزينة افتدى ، وخالفنا الأئمة ، لنا : أنه يزيل الشعث من العين كما يزيل الدهن شعث الرأس ، وفي ( الجلاب ) : قال عبد الملك : [ ص: 346 ] ليس على الرجل في الكحل فدية ; لأن جنسه خاص بالنساء ، والفرق عندنا بين الكحل للضرورة لا فدية فيه ، ودهن الجسد للضرورة فيه الفدية أن العين في حكم الباطن فتشبه الشقوق في اليد أو الرجل ، قال سند : وأما تشقيق العين بما لا يتحجر على الجفن فخفيف ، وإن كان يستر البشرة سترا كثيفا كالقرطاس على الدمل ففيه الفدية ، وفي كحل النساء ولبس الحلي وغيره من الزينة خلاف بين أصحابنا بالكراهة والتحريم ، والمعروف الفدية في الكحل بخلاف الحلي ; لأن الحلي لا يزيل شعثا ، وليس على المحرم شعوثة اللباس ، بل له تجديد الملبوس ويبالغ في تنظيفه إذا أمن من قتل الهوام ، ولا يزيل شعث جسده ، وكره مالك النظر في المرآة للمحرم والمحرمة ; لئلا تبعثه على إزالة الشعث ، في ( الجواهر ) : يكره له غمس رأسه في الماء ; خيفة قتل الدواب فإن فعل أطعم شيئا من الطعام ، وليس له غسله بالسدر والخطمي ، ويفتدي إن فعل .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية