الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 417 ] مسألة : ( ثم يبتدئ بطواف العمرة إن كان معتمرا ، وبطواف القدوم إن كان مفردا ، أو قارنا ) .

وجملة ذلك أن المحرم إذا دخل المسجد فإنه لا يبتدئ بشيء قبل الطواف بالبيت هذا هو .. . الذي عليه عامة أصحابنا .

وقال ابن عقيل : يستحب أن يقدم على الطواف تحية المسجد الحرام إلا أن يكون عليه فائتة ، فيقدم الفائتة على التحية . قال : وإنما جعلنا التحية قبل الطواف ؛ لأن الدخول إلى المسجد قبل المضي ، فيبدأ بالأسبق فالأسبق .

وهذا الذي قاله : ليس بشيء فإن المسجد الحرام تحيته الطواف بالبيت ، وهي تحية البيت والمسجد .

وهذه هي السنة الماضية ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخل المسجد الحرام هو وأصحابه لم يبدءوا بشيء قبل الطواف بالبيت ؛ فروى أبو الأسود : أن رجلا من أهل العراق قال : " له سل لي عروة بن الزبير عن رجل يهل بالحج ، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا ؟ فإن قال لك : لا يحل ، فقل له : إن رجلا يقول ذلك ، قال : فسألته فقال : لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج ، فقلت : فإن [ ص: 418 ] رجلا كان يقول ذلك ، فقال : بئس ما قال : فتصداني الرجل فسألني فحدثته فقال : إن رجلا كان يخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك وما شأن أسماء والزبير فعلا ذلك ، فذكرت له ذلك ، فقال : من هذا ؟ قلت : لا أدري ، قال : فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني ، أظنه عراقيا ، قلت : لا أدري ، قال : فإنه قد كذب ، قد حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتني عائشة أنه أول شيء بدأ حين قدم مكة ، أنه توضأ ، ثم طاف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم حج أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم عمر مثل ذلك ، ثم حج عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم معاوية وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ، ثم لم تكن عمرة ، ثم آخر من رأيت ابن عمر فعل ذلك ، ثم لم ينقضها بعمرة ، وهذا ابن عمر عندهم أفلا يسألونه ، ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت ، ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا يبدآن بشيء أول من الطواف بالبيت يطوفان به ثم لا يحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها والزبير وفلان وفلان بعمرة قط ، فلما مسحوا الركن حلوا . قد كذب فيما ذكر " . أخرجاه .

[ ص: 419 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية