الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [51 - 52] وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين

                                                                                                                                                                                                                                      وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم قال الزمخشري : يعني أنهم [ ص: 5909 ] من شدة تحديقهم، ونظرهم إليك شزرا، بعيون العداوة والبغضاء، يكادون يزلون قدمك، أو يهلكونك، من قولهم: نظر إلي نظرا يكاد يصرعني، ويكاد يأكلني، أي: لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل، لفعله. قال:


                                                                                                                                                                                                                                      يتقارضون إذا التقوا في موطن نظرا يزل مواطئ الأقدام



                                                                                                                                                                                                                                      وأنشد ابن عباس -وقد مر بأقوام حددوا النظر إليه-:


                                                                                                                                                                                                                                      نظروا إلي بأعين محمرة     نظر التيوس إلى شفار الجازر



                                                                                                                                                                                                                                      وبين تعالى أن هذا النظر كان يشتد منهم في حال قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن، وهو قوله: لما سمعوا الذكر أي: القرآن، معاداة لحكمته. ويقولون إنه لمجنون أي: من الهذيان الذي يهذي به في جنونه، لعدم تمالك أنفسهم من الحسد منه، والتنفير عنه.

                                                                                                                                                                                                                                      وما هو إلا ذكر للعالمين أي: عظة وحكمة وتذكير وتنبيه لهم، على ما في عقولهم وفطرهم من التوحيد. فكيف يجنن من جاء بمثله؟ وبالله التوفيق.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية