الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4518 ) فصل : وإن ضاعت اللقطة من ملتقطها بغير تفريط ، فلا ضمان عليه ; لأنها أمانة في يده ، فأشبهت الوديعة . فإن التقطها آخر ، فعرف أنها ضاعت من الأول ، فعليه ردها إليه ; لأنه قد ثبت له حق التمول وولاية التعريف والحفظ ، فلا يزول ذلك بالضياع . فإن لم يعلم الثاني بالحال حتى عرفها حولا ، ملكها ; لأن سبب الملك وجد منه من غير عدوان ، فيثبت الملك به كالأول ، ولا يملك الأول انتزاعها ; لأن الملك مقدم على حق التملك ، وإذا جاء صاحبها فله أخذها من الثاني ، وليس له مطالبة الأول ; لأنه لم يفرط ، وإن علم الثاني بالأول ، فردها إليه ، فأبى أخذها ، وقال : عرفها أنت

                                                                                                                                            فعرفها ، ملكها أيضا ; لأن الأول ترك حقه فسقط . وإن قال : عرفها ، ويكون ملكها لي . ففعل ، فهو مستنيب له في التعريف ، ويملكها الأول ; لأنه وكله في التعريف ، فصح ، كما لو كانت في يد الأول . وإن قال : عرفها ، وتكون بيننا . ففعل ، صح أيضا ، وكانت بينهما ; لأنه أسقط حقه من نصفها ، ووكله في الباقي . وإن قصد الثاني بالتعريف تملكها لنفسه دون الأول ، احتمل وجهين ; أحدهما ، يملكها ; لأن سبب الملك وجد منه ، فملكها ، كما لو أذن له الأول في تعريفها لنفسه

                                                                                                                                            والثاني لا يملكها ; لأن ولاية التعريف للأول ، أشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرفها . وكذلك الحكم إذا علم الثاني بالأول فعرفها ، ولم يعلمه بها . ويشبه هذا المتحجر في الموات إذا سبقه غيره إلى ما حجره ، فأحياه بغير إذنه . فأما إن غصبها غاصب من الملتقط ، فعرفها ، لم يملكها ، وجها واحدا ; لأنه معتد بأخذها ولم يوجد منه سبب تملكها ، فإن الالتقاط من جملة السبب ، ولم يوجد منه . ويفارق هذا ما إذا التقطها ثان ، فإنه وجد منه الالتقاط والتعريف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية