الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر هذا التحريم على الذين هادوا إنما هو تكليف بلوى وعقوبة ، فأول ما ذكره من المحرمات عليهم كل ذي ظفر وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه ما ليس منفرج الأصابع كالإبل والنعام والأوز والبط ، قاله ابن عباس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي . والثاني: أنه عنى أنواع السباع كلها. والثالث: أنه كل ذي مخلب من الطير ، وكل ذي حافر من الدواب. ثم قال: ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها شحوم الثرب خاصة ، قاله قتادة . والثاني: أنه كل شحم لم يكن مختلطا بعظم ولا على عظم ، قاله ابن جريج . والثالث: أنه شحم الثرب والكلى ، قاله السدي وابن زيد . [ ص: 184 ] ثم قال: إلا ما حملت ظهورهما يعني شحم الجنب وما علق بالظهر فإنه لم يحرم عليهم. ثم قال: أو الحوايا وفيها أربعة تأويلات: أحدها: أنها المباعر ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وقتادة ، ومجاهد ، والسدي . والثاني: أنها بنات اللبن ، قاله عبد الرحمن بن زيد . والثالث: أنها الأمعاء التي عليها الشحم من داخلها ، قاله بعض المتأخرين. والرابع: أنها كل ما تحوى في البطن واجتمع واستدار ، قاله علي بن عيسى. أو ما اختلط بعظم فيه قولان: أحدهما: أنه شحم الجنب. والثاني: أنه شحم الجنب والألية ، لأنه على العصعص ، قاله ابن جريج ، والسدي . ذلك جزيناهم ببغيهم يحتمل وجهين: أحدهما: ببغيهم على موسى عليه السلام فيما اقترحوه وعلى ما خالفوه. والثاني: ببغيهم على أنفسهم في الحلال الذي حرموه. وإنا لصادقون فيما حكاه عنهم وحرمه عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية