الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين

                                                                                                                                                                                                                                        فرحين بما آتاهم الله من فضله وهو شرف الشهادة والفوز بالحياة الأبدية والقرب من الله تعالى والتمتع بنعيم الجنة. ويستبشرون يسرون بالبشارة. بالذين لم يلحقوا بهم أي بإخوانهم المؤمنين الذين لم يقتلوا فيلحقوا بهم. من خلفهم أي الذين من خلفهم زمانا أو رتبة. ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون بدل من الذين والمعنى: إنهم يستبشرون بما تبين لهم من أمر الآخرة وحال من تركوا من خلفهم من المؤمنين، وهو أنهم إذا ماتوا أو قتلوا كانوا أحياء حياة لا يكدرها خوف وقوع محذور، وحزن فوات محبوب. والآية تدل على أن الإنسان غير الهيكل المحسوس بل هو جوهر مدرك بذاته لا يفنى بخراب البدن، ولا يتوقف عليه إدراكه وتألمه والتذاذه، ويؤيد ذلك قوله تعالى في آل فرعون النار يعرضون عليها الآية وما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: «أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة في ظل العرش».

                                                                                                                                                                                                                                        ومن أنكر ذلك ولم ير الروح إلا ريحا وعرضا قال هم أحياء يوم القيامة، وإنما وصفوا به في الحال لتحققه ودنوه أو أحياء بالذكر أو بالإيمان. وفيها حث على الجهاد وترغيب في الشهادة وبعث على ازدياد الطاعة وإحماد لمن يتمنى لإخوانه مثل ما أنعم عليه، وبشرى للمؤمنين بالفلاح.

                                                                                                                                                                                                                                        يستبشرون كرره للتأكيد وليعلق به ما هو بيان لقوله: ألا خوف عليهم ويجوز أن يكون الأول بحال إخوانهم وهذا بحال أنفسهم. بنعمة من الله ثوابا لأعمالهم. وفضل زيادة عليه كقوله تعالى: للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وتنكيرهما للتعظيم. وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين من جملة المستبشر به عطف على فضل. وقرأ الكسائي بالكسر على أنه استئناف معترض دال على أن ذلك أجر لهم على إيمانهم مشعر بأن من لا إيمان له أعماله محبطة وأجوره مضيعة.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية