الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 203 ] وإذا كان أحد الزوجين مريضا لا يقدر على الجماع ، أو هو مجبوب ، أو هي رتقاء أو صغيرة ، أو بينهما مسيرة أربعة أشهر ، أو محبوسا لا يقدر عليها ، فقال في مدة الإيلاء : فئت إليها . سقط الإيلاء إن استمر العذر من وقت الحلف إلى آخر المدة ، فإذا قدر على الجماع بعد ذلك في المدة لزمه الفيء بالجماع ، وإن قال لامرأته : أنت علي حرام ، فإن أراد الكذب صدق ، وإن أراد الطلاق فواحدة بائنة ، وإن نوى الثلاث فثلاث ، وإن أراد الظهار فظهار ( م ) ، وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فهو إيلاء .

[ ص: 203 ]

التالي السابق


[ ص: 203 ] فصل

[ الفيء أو سقوط الإيلاء ]

( وإذا كان أحد الزوجين مريضا لا يقدر على الجماع ، أو هو مجبوب ، أو هي رتقاء ، أو صغيرة ، أو بينهما مسيرة أربعة أشهر ، أو محبوسا لا يقدر عليها ، فقال في مدة الإيلاء : فئت إليها سقط الإيلاء إن استمر العذر من وقت الحلف إلى آخر المدة ) ، روي ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه .

اعلم أن الفيء عبارة عن الرجوع ، يقال : فاء الظل : إذا رجع ، ولما قصد المولي باليمين منع حقها من الوطء سمي الرجوع عنه فيئا ، قال تعالى : ( فإن فاءوا ) أي رجعوا عن قصدهم ، والفيء نوعان بالجماع والقول عند عدمه ، فالفيء بالجماع يبطل الإيلاء في حق الطلاق والحنث جميعا ، والفيء باللسان بدل عن الفيء بالجماع في إبطال الطلاق دون الحنث ، حتى لو قربها بعد ذلك لزمته الكفارة .

والبدل إنما يعتبر حالة العجز عن الأصل فيعتبر لعجز عن الجماع مستداما من وقت الإيلاج إلى تمام المدة ، حتى لو قدر على الجماع في بعض المدة ففيؤه الجماع لا غير ، لأنه لما قدر عليه ولم يفعله فالتقصير جاء من قبله فلا يعتبر عاجزا ، روي ذلك عن علي وابن عباس وابن مسعود وجماعة من التابعين رضي الله عنهم .

وصفة الفيء أن يقول : فئت إليك أو رجعت إليك . وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يقول : اشهدوا أني قد فئت إلى امرأتي وأبطلت إيلاءها ، وهذه الشهادة احتياطا احترازا عن التجاحد لا شرطا ، وهذا لأنه أوحشها بالكلام بذكر المنع فيرضيها بالرجوع عنه حقيقة بالوطء ، فإذا لم يقدر عليه يرضيها بغاية ما يقدر عليه وهو الوعد باللسان فيرتفع الظلم .

( فإذا قدر على الجماع بعد ذلك في المدة لزمه الفيء بالجماع ) لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالحلف ، ولو آلى من امرأته وبينهما أقل من أربعة أشهر إلا أنه يمنعه السلطان [ ص: 204 ] أو العدو أو كان أحدهما محرما واستمر الإحرام أربعة أشهر لا يصح فيؤه إلا بالجماع لأنه قادر عليه . وقال زفر في الإحرام : فيؤه القول ، لأن المنع من جهة الشرع وهو الحرمة فكان عذرا . قلنا : الحرمة حق الشرع ، والوطء حقها ، وحق العبد مقدم على حق الشرع بأمره .

قال : ( وإن قال لامرأته : أنت علي حرام فإن أراد الكذب صدق ) لأنه حقيقة كلامه ، وقيل لا يصدق لأنه يمين ظاهرا ( وإن أراد الطلاق فواحدة بائنة ) لأنه من الكنايات ، ( وإن نوى الثلاث فثلاث ) وقد مر ، ( وإن أراد الظهار فظهار ) لأن في الظهار نوع حرمة وقد نواه بالمطلق فيصدق لأنه من باب المجاز . وقال محمد : لا يكون ظهارا لعدم التشبيه بالمحرمة ( وإن أراد التحريم أو لم يرد شيئا فهو إيلاء ) لأن تحريم الحلال يمين ، هذا هو الأصل وموضعه كتاب الأيمان ، والمتأخرون من أصحابنا صرفوا لفظة التحريم إلى الطلاق حتى قالوا : يقع بغير نية ، وألحقوه بالصريح لكثرة الاستعمال فيه والعرف .




الخدمات العلمية