الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4519 ) فصل : ومن اصطاد سمكة ، فوجد فيها درة ، فهي للصياد ; لأن الدر يكون في البحر ، بدليل قول الله تعالى : { وتستخرجون منه حلية تلبسونها } . فتكون لآخذها ، فإن باعها الصياد ولم يعلم ، فوجدها المشتري في بطنها ، فهي للصياد . نص عليه أحمد ; لأنه إذا لم يعلم ما في بطنها فلم يبعه ، ولم يرض بزوال ملكه عنه ، فلم يدخل في البيع ، كمن باع دارا له مال مدفون فيها . وإن وجد في بطنها عنبرة أو شيئا مما يكون في البحر ، فهو للصياد ; لما ذكرنا . وحكمه حكم الجوهرة

                                                                                                                                            وإن وجد دراهم أو دنانير ، فهي لقطة ; لأن ذلك لا يخلق في البحر ، ولا يكون إلا لآدمي ، فيكون لقطة ، كما لو وجده في البحر . وكذلك الحكم في الدرة إذا كان فيها أثر لآدمي ، مثل أن تكون مثقوبة أو متصلة بذهب أو فضة أو غيرهما ، فإنها تكون لقطة لا يملكها الصياد ; لأنها لم تقع في البحر [ ص: 17 ] حتى تثبت اليد عليها ، فهي كالدينار . وكذلك الحكم في العنبرة إذا كانت موصولة بذهب أو فضة ، أو مصنوعة ، كالتفاحة مثقوبة ، ونحو ذلك مما لا يخلق عليه في البحر ، فهي لقطة

                                                                                                                                            وإن وجدها الصياد فعليه تعريفها ; لأنه ملتقطها ، وإن وجدها المشتري ، فالتعريف عليه ; لأنه واجدها ، ولا حاجة إلى البداية بالبائع ، فإنه لا يحتمل أن تكون السمكة ابتلعت ذلك بعد اصطيادها وملك الصياد لها ، فاستوى هو وغيره . فأما إن اشترى شاة ، ووجد في بطنها درة أو عنبرة أو دنانير أو دراهم ، فهي لقطة يعرفها ، ويبدأ بالبائع ; لأنه يحتمل أن تكون ابتلعتها من ملكه فيبدأ به ، كقولنا في مشتري الدار إذا وجد فيها مالا مدفونا

                                                                                                                                            وإن اصطاد السمكة من غير البحر ، كالنهر والعين ، فحكمها حكم الشاة ، في أن ما وجد في بطنها من ذلك فهو لقطة ، درة كانت أو غيرها ; لأن ذلك لا يكون إلا في البحر بحكم العادة . ويحتمل أن تكون الدرة للصياد ; لقول الله تعالى : { ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها } .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية