الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            فصل فيما يترتب على لزوم الرهن ( إذا لزم الرهن ) بإقباضه ( فاليد فيه ) أي في المرهون ( للمرتهن ) غالبا لأنها الركن الأعظم في التوثق ( ولا تزال إلا للانتفاع كما سبق ) ومحل ذلك حيث لم يكن المرهون نحو مسلم أو مصحف وهو كافر أو سلاح وهو [ ص: 271 ] حربي أو كبيرة أو خنثى وليس عنده من رجل .

                                                                                                                            فإن كانت صغيرة لا تشتهى أو كان المرتهن محرما لها أو ثقة من امرأة أو ممسوح أو من أجنبي عنده حليلته أو محرمة أو امرأتان ثقتان وضعت عنده وإلا فعند محرم لها أو ثقة ، والأوجه الاكتفاء بالواحدة الثقة والخنثى كالأمة لكن لا يوضع عند امرأة أجنبية ، ولو حل الدين فقال الراهن : رده لأبيعه لم يجب بل يباع في يده ، ثم بعد وفائه يسلمه للمشتري برضا الراهن ، أي إن كان له حق الحبس كما هو واضح أو للراهن برضا المشتري : أي ما لم يكن له حق الحبس وإلا لم يحتج إلى رضاه كما هو ظاهر ، ولا يسلم المشتري الثمن لأحدهما إلا بإذن الآخر فإن تنازعا فالحاكم ، ولو قال للمرتهن : احضر معه لأبيعه وأسلم الثمن إليك أو قال : أبيعه منك لم تلزمه الإجابة ، ولو قال : احضره وأنا أؤدي من غيره لم يلزمه إحضاره لأن اللازم له التخلية كالمودع فلم .

                                                                                                                            [ ص: 272 ] يتأت بيعه إلا بإحضاره ولم يثق بالراهن بعث الحاكم من يقبضه وأجرته على الراهن .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( فصل ) فيما يترتب على لزوم الرهن ( قوله فيما يترتب إلخ ) أي وما يتبعه من نحو توافقهما على وضعه عند ثالث وبيان أن فاسد العقود كصحيحها ( قوله : بإقباضه ) أي حقيقة أو حكما بأن أذن للمرتهن في قبضه فقبضه ، أو كان تحت يده وأذن له في القبض كما مر ، أو يقال اقتصر على الإقباض لكونه الأصل ( قوله : فاليد فيه ) وقال سم : أي الرهن بمعنى المرهون ففيه استخدام ا هـ سم على حج وهو أولى مما ذكره الشارح ليكون الضمير عائدا على مذكور ، إلا أن يقال : إن الشارح رجعه للرهن بمعنى المرهون وعبر بالمعنى المراد منه فيساوي ما قاله سم ( قوله ومحل ذلك ) محترز قوله غالبا وكان الأولى أن يقول وقد لا تكون اليد فيه للمرتهن كما عبر به حج ( قوله : حيث لم يكن المرهون إلخ ) ويصح رهن صيد من محرم ويوضع عند حلال ( قوله : وهو كافر ) تقدم في البيع في صورة رهن المسلم من كافر هل يقبضه ثم يوضع عند عدل أو يمتنع قبضه أيضا ا هـ سم على حج والأقرب الأول لأن قبضه بمجرده ليس فيه إذلال للمسلم ولا إهانة للمصحف ، لكن رأيت في حج ما نصه : ويستنيب الكافر مسلما في القبض ا هـ وظاهره أنه لا يمكن من قبضه حتى في السلاح ، ووجهه أن في قبضه له إذلالا للمسلمين ، وعليه فلو تعدى وقبضه فينبغي الاعتداد به لأن المنع لأمر خارج ، ونقل عن شيخنا الزيادي بالدرس أنه اعتمد فساد القبض ، ونقل عن الشيخ حمدان أيضا [ ص: 271 ] ما يصرح بما قلناه من الاعتداد بالقبض

                                                                                                                            ( قوله : من امرأة ) بيان لثقة ( قوله : أو من أجنبي ) ظاهره ولو فاسقا حيث كان له حليلة ، لكن قيده الأذرعي بالثقة ، ويمكن حمل كلام الشارح عليه بجعل قوله من امرأة إلخ حالا من الثقة فيفيد اشتراط الثقة في المرأة وما عطف عليها ( قوله : عنده حليلته ) أي ولو فاسقة لأنها تغار عليه ( قوله : أو محرمه ) أي ولو فاسقة على ما يفيده تقييد المرأتين بالثقتين دون ما قبلهما ( قوله : وضعت عنده ) أي فلو صارت الصغيرة تشتهى نقلت وجعلت عند عدل برضاهما ، فإن تنازعا وضعها الحاكم عند من يراه ، ومثله ما لو ماتت حليلته أو أو محرمه أو سافرت ( قوله : أو ثقة ) قال حج : وشرط خلاف ذلك مفسد ، وقضيته أنه مفسد للعقد ، وهو ظاهر لأنه شرط خلاف مقتضاه ، لكن في شرح الروض ما نصه : فإن شرط وضعها عند غير من ذكر فهو شرط فاسد لما فيه من الخلوة بالأجنبية : قال القاضي والماوردي : والرهن صحيح لأن المنع ليس للملك بل لحق الله تعالى قاله الزركشي ا هـ وكتب الشهاب الرملي على قوله والرهن صحيح : هذا تفريع على قول مرجوح ، أما على الأظهر فيبطل الرهن أيضا ، قال الزركشي في قواعده : وقاعدة الشروط الفاسدة أن يفسد العقد إلا في صورة البراءة من العيوب ، وإلا في القرض إذا شرط مكسرا عن صحيح أو أن يقرضه غيره لغا الشرط ولا يفسد العقد في الأصح ا هـ وإلا في العمرى والرقبى في الأصح وقال المصنف في تمشيته : فإن شرط وصفا غير ما ذكرناه فسد الشرط وبفساده يفسد الرهن على الأصح ا هـ

                                                                                                                            وقول حج : وشرط خلاف ذلك مفسد ظاهر فيما قاله الشهاب الرملي ، وعبارة سم على منهج قال في التصحيح : فإن شرط خلافه فشرط فاسد ا هـ وهي صريحة فيما نقل عن شرح الروض ( قوله : والأوجه الاكتفاء بالواحدة ) خلافا لحج ، والأقرب ما قاله حج لأن مدة الرهن قد تطول وذلك يؤدي إلى اشتغال المرأة الثقة في بعض الأزمنة فتحصل فيه خلوة المرتهن بالأمة ( قوله : ثم بعد وفائه ) أي المرتهن ( قوله : إن كان له ) أي الراهن ( قوله : حق الحبس ) أي بأن بقي بذمة المشتري من ثمنه الحال شيء ( قوله : لم يكن له ) أي الراهن ( قوله : إلى رضاه ) أي المشتري ( قوله : ولو قال ) أي الراهن ( قوله : ما لم تلزمه ) أي المرتهن ( قوله : تلزمه الإجابة ) وظاهره وإن قرب المحل المدعو إليه جدا ولا مانع منه ( قوله : لم يلزمه إحضاره ) هذا مع ما تقدم من قوله ولو حل الدين فقال إلخ يفيد أنالراهن إذا طلب رده أو حضور المرتهن معه ليبيعه الراهن بحضرته لا يلزم المرتهن إجابته لواحد منهما وعليه فيحتاج البائع للمجيء مع المشتري المحل المرتهن وفيه مشقة ظاهرة ، بل قد لا يتفق ذلك لعدم مشتر يحضر مع الراهن إلى محل المرتهن لكن قد يقال : تندفع المشقة ببعث الحاكم الآتي في كلامه [ ص: 272 ] قوله : إلا بإحضاره ) أي السوق مثلا .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            فصل فيما يترتب على لزوم الرهن [ ص: 271 ] قوله : ومحل ذلك ) هو محترز قوله غالبا . ( قوله : أو ثقة ) أي من امرأة أو ممسوح أو رجل عنده من مر كما صرح به الشهاب حج . ( قوله : لكن لا يوضع عند امرأة أجنبية ) أي ولا رجل أجنبي كما نقله الأذرعي عن البيان إنما يوضع عند محرم له . ( قوله : أي إن كان له حق الحبس ) أي بأن بقي من الثمن بقية . ( قوله : لأن اللازم له التخلية ) أي [ ص: 272 ] بعد التوفية كما هو واضح




                                                                                                                            الخدمات العلمية