الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 420 ] مسألة : ( ويضطبع بردائه ، فيجعل وسطه تحت عاتقه الأيمن وطرفيه على الأيسر ) .

الاضطباع : افتعال من الضبع وهو العضد ، ويسمى اليابطة ؛ لأنه يجعل وسط الرداء تحت الإبط ويبدئ ضبعه الأيمن .

وقيل : يبدئ ضبعاه وأصله اضتباع ، وإنما قلبت التاء طاء لمجاورة حرف الاستعلاء ، كما يقال : اضطباع ، واصطياد ، واضطرار ، واضطهاد ، والأصل في ذلك ما روي عن ابن عباس : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : اضطبع ، فكبر فاستلم وكبر ، ثم رمل ثلاثة أطواف كانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا من قريش مشوا ، ثم يطلعون عليهم يرملون ، تقول قريش : كأنهم الغزلان ) .

قال ابن عباس : فكانت سنة . رواه أبو داود .

وعن ابن عباس : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اعتمر من جعرانة ، فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ووضعوها على عواتقهم ، ثم رملوا ) . رواه أحمد ، وفي لفظ له ، ولأبي داود : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وأصحابه : [ ص: 421 ] اعتمروا من جعرانة ، فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم ، ثم فذفوها على عواتهم اليسرى ) .

وعن يعلى بن أمية : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي ) . رواه الخمسة إلا النسائي ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وهذا لفظ أحمد ، ولفظ أبي داود : ( طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - مضطبعا ببرد أخضر ) ولفظ الترمذي ، وابن ماجه : ( طاف بالبيت مضطبعا وعليه برد ) لم يقل ابن ماجه : بالبيت .

فقد ذكر ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أول ما اضطبع في عمرة القضاء ليستعينوا بذلك على الرمل ؛ ليرى المشركون قوتهم ، ثم اضطبع في عمرة الجعرانة ، وقد ذهب المشركون ، ثم اضطبع في .. . .

وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : " فيم الرملان الآن والكشف عن [ ص: 422 ] المناكب وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ، ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .

فبين أن العبادة قد تشرع أولا لسبب ، ثم يزول ذلك ويجعلها الله سبحانه عبادة وقربة ؛ كما قد روي في الرمل ، والاضطباع ، والسعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار .

وأول ما يضطبع إذا أراد أن يستلم الحجر قبل أن يستلم فيما ذكره كثير من أصحابنا وهو معنى كلام المصنف ، وهو ظاهر حديث ابن عباس المتقدم .

وقال أحمد - في رواية المروذي - : يضطبع بعد أن يستلم الحجر ؛ لأن الاضطباع إنما يكون .. . .

ويضطبع في جميع الأشواط السبعة ، فإذا قضى طوافه سوى ثيابه ، ولم يضطبع في ركعتي الطواف ؛ لأن الاضطباع في الصلاة مكروه ، هكذا قال [ ص: 423 ] القاضي وابن عقيل وغيرهما .

وقال أبو بكر الأثرم : إنما يضطبع في الأشواط الثلاثة التي يرمل فيها ؛ لأن الاضطباع إنما هو معونة على الرمل ، وإنما فعل تبعا له ، فإذا لم يرمل : لم يضطبع .

فأما الاضطباع في السعي : فقال أحمد : ما سمعت فيه شيئا ، قال أصحابنا .. . .

التالي السابق


الخدمات العلمية