الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( باب مسح الخف )

                                                                                                                              المراد به الجنس أو الخف الشرعي وكلاهما مجمل هنا مبين في غيره فلا يرد منع لبس خف على صحيحة ليمسحها وحدها وإن كانت الأخرى عليلة لوجوب التيمم عنها فكانت كالصحيحة بخلاف ما لو لم يكن له إلا رجل فإن بقي من فرض الأخرى بقية وإن قلت تعين لبس خفها ليمسح عليهما وإن لم يبق منه شيء مسح على الأخرى وحدها ، وذكره هنا لتمام مناسبته بالوضوء ؛ لأنه بدل عن غسل الرجلين فيه بل ذكره جمع في خامس فروضه لبيان أن الواجب الغسل أو المسح .

                                                                                                                              وأخره جمع عن التيمم ؛ لأن في كل مسحا مبيحا وأحاديثه صحيحة كثيرة [ ص: 243 ] بل متواترة ومن ثم قال بعض الحنفية أخشى أن يكون إنكاره أي من أصله كفرا ( يجوز في الوضوء ) ولو وضوء سلس لما تقرر لا في غسل واجب أو مندوب ولا في إزالة نجس بل لا بد من الغسل إذ لا مشقة وأفهم يجوز أن الغسل أفضل منه نعم إن تركه رغبة عن السنة أي لإيثاره الغسل عليه لا من حيث كونه أفضل منه سواء أوجد في نفسه كراهته لما فيه من عدم النظافة مثلا أم لا ، فعلم أن الرغبة عنه أعم وأن من جمع بينهما أراد الإيضاح أو شكا في جوازه أي لتخيل نفسه القاصرة شبهة فيه أو خاف من الغسل فوت نحو جماعة أو أرهقه حدث وهو متوضئ ومعه ماء يكفيه لو لبسه ومسح لا إن غسل كان أفضل بل يكره تركه ومثله في الأولين سائر الرخص .

                                                                                                                              وقد يجب لنحو خوف فوت عرفة [ ص: 244 ] أو إنقاذ أسير وجعله بعضهم هنا أفضل لا واجبا ويتعين حمله على مجرد خوف من غير ظن لكن سيأتي أنه يجب البدار إلى إنقاذ أسير رجي ولو على بعد وأنه إذا عارضه إخراج الفرض عن وقته قدم الإنقاذ أو لكونه لابسه بشرطه ، وقد تضيق الوقت وعنده من الماء ما لا يكفيه لو غسل ويكفيه لو مسح وقد يحرم كأن لبسه محرم تعديا ثم إذا لبسه بشرطه كانت المدة فيه ( للمقيم المسح على الخف ) وكل من سفره لا يبيح القصر ( يوما وليلة وللمسافر ) سفر قصر ( ثلاثة أيام بلياليها ) المتصلة بها سبق اليوم الأول ليلته بأن أحدث وقت الغروب أو لا بأن أحدث وقت الفجر ولو أحدث أثناء ليل أو نهار اعتبر قدر الماضي منه من الليلة الرابعة أو اليوم الرابع .

                                                                                                                              وكذا في اليوم والليلة للنص على ذلك في الأحاديث الصحيحة ، وابتداء المدة إنما يحسب ( من ) انتهاء ( الحدث ) [ ص: 245 ] كبول أو نوم أو مس ولو من نحو مجنون كما اقتضاه إطلاقهم ويوجه بأن المعتبر في نحو الشروط خطاب الوضع كما يأتي في شروط الصلاة وحينئذ فالمجنون وغيره سواء في ذلك فبحث البلقيني استثناءه ؛ لأنه لا صلاة عليه غفلة عن ذلك فعلى الأول إن أفاق وقد بقي من المدة التي حسبت عليه من الحدث شيء استوفاه وإلا فلا على أن علته تلحق الصبي المميز بالمجنون فيما ذكره ولا أظن أحدا يقول به فلو عبر بأنه ليس متأهلا للصلاة لسلم من ذلك ( بعد لبس ) لدخول وقت المسح به فلو أحدث فتوضأ وغسل رجليه فيه ثم أحدث فابتداؤها من الحدث الأول ويسن للابسه قبل الحدث تجديد الوضوء ويمسح عليه

                                                                                                                              واغتفر له هذا قبل الحدث لأن وضوءه تابع غير مقصود ومن ثم لا تحسب المدة إلا من الحدث ولا يمسح سلس أحدث غير حدثه الدائم [ ص: 246 ] ومتيمم لغير فقد الماء كمرض وبرد إلا لما يحل له لو بقي طهره الذي لبس عليه الخف فإن كان الحدث قبل فعل الفرض مسح له وللنوافل أو بعده مسح للنوافل فقط ؛ لأن مسحه مترتب على طهره المفيد لذلك لا غير فإن أراد الفرض وجب النزع وكمال الطهر ؛ لأنه محدث بالنسبة للفرض الثاني فكأنه لبس على حدث حقيقة فإن طهره لا يرفع الحدث .

                                                                                                                              واستشكل جواز لبسه ليمسح عليه مع بطلان طهره بتخلل اللبس بينه وبين الصلاة ولبس في محله لأنه يغتفر له الفصل بما بين صلاتي الجمع وهو يسع اللبس وإن تكرر ولو شفي السلس والمتيمم وجب الاستئناف وغسل الرجلين وصورة المسح في التيمم المحض لغير فقد الماء أن يتكلف الغسل وتكلفه حرام على الأوجه ؛ لأن الفرض أنه مضر وفي المتحيرة تردد ، ويتجه أنها لا تمسح إلا للنوافل لأنها تغتسل لكل فرض فهي بالنسبة لغيره من أقسام السلس أما متيمم لفقد الماء [ ص: 247 ] فلا يمسح شيئا إذا وجده لبطلان طهره برؤيته وإن قل .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( باب مسح الخف )

                                                                                                                              يمكن أن يوجه تعبيره بالخف مرادا به الجنس دون تعبيره بالخفين بتناول الخف الواحد فيما لو فقد إحدى رجليه ( قوله لوجوب التيمم عنها فكانت كالصحيحة ) الذي يظهر أن معنى هذا الكلام المذكور في الروضة وغيرها أنه يمتنع الاقتصار على خف في الصحيحة والمسح عليه وأنه يجوز لبس الخفين فيهما والمسح عليهما فيرتفع حدثهما ؛ لأن المسح كالغسل فكما يكفي غسلهما يكفي مسحهما ولا يجب مع المسح التيمم عن العليلة لأن مسح خفها كغسلها ومع غسلها لا حاجة للتيمم ولا ينافيه قوله لوجوب التيمم عنها ؛ لأن معناه أنها في نفسها يجب التيمم عنها لا أن المراد وجوبه مطلقا .

                                                                                                                              ( قوله وحدها ) هل له لبس خف في باقي فاقدة محل الفرض ليمسح [ ص: 243 ] عليه بدلا عن غسله المسنون ( قوله أي لإيثاره الغسل عليه ) فيه وقفة ؛ لأن إيثار الغسل عليه مطلوب ضرورة أنه أفضل منه فكيف يكون قصده مقتضيا لرجحان تركه فتأمل ( قوله لنحو خوف فوت عرفة ) في شرح م ر أو انصب ماؤه عند غسل رجليه ووجد بردا لا يذوب يمسح به أو ضاق الوقت ولو اشتغل بالغسل لخرج الوقت أو خشي أن يرفع الإمام رأسه من ركوع ثانية الجمعة أو تعين عليه الصلاة على ميت وخيف انفجاره لو غسل ا هـ .

                                                                                                                              [ ص: 244 ] قوله كأن لبسه محرم ) أي ولا يجزئ كما يأتي ( قوله وللمسافر سفر قصر ) قال في الروض فلو عصى به أي بالسفر أو بالإقامة كعبد خالف سيده فيهما ترخص يوما وليلة انتهى قال في شرحه إذ غايته في الأول إلحاق سفره بالعدم .

                                                                                                                              وأما الثاني فلأن الإقامة ليست سبب الرخصة انتهى ( قوله ثلاثة أيام إلخ ) أي وإن لم تتحصل إلا من مجموع الذهاب والإياب بأن قصد محلا على يومين مثلا وأنه لا يقيم فيه بل يعود حالا من طريق آخر على يوم وليلة م ر بقي ما لو سافر ذهابا فقط مثلا وكان فوق يوم وليلة ودون الثلاث ( قوله من انتهاء الحدث ) أفتى شيخنا الشهاب الرملي بأن العبرة في النوم بابتدائه ووجهه إمكان قطعه عادة وقياسه أن اللمس والمس كذلك بل أولى .

                                                                                                                              وقد قرر م ر بما حاصله فقال إن الحدث إن كان باختياره ولو حكما كالمس واللمس وكذا النوم ؛ لأن أوائله بالاختيار حسب من ابتدائه وإلا كالإغماء فمن انتهائه . ا هـ قال في شرح الروض وأفهم كلامه أنه لو توضأ بعد حدثه وغسل رجليه في الخف ثم أحدث كان ابتداء مدته من حدثه الأول وبه صرح الشيخ أبو علي [ ص: 245 ] في شرح الفروع ( قوله غفلة عن ذلك ) أقول على الحكم بغفلة هذا الإمام هنا منع ظاهر ، وذلك لأن كون الشروط من باب خطاب الوضع لا يقتضي اعتبار هذا الشرط في حق المجنون إذ الشرط وإن كان من باب خطاب الوضع إلا أن ثبوت شرطيته تابع لثبوت مشروطه الذي هو من خطاب التكليف وهو الصلاة وهي غير ثابتة في حق المجنون فكونه من خطاب الوضع لا يسوغ قطع النظر عن مشروطه الذي هو تابع له في الثبوت على أنه قد يمنع اقتضاء تعليلهم ما ذكر إذ قولهم في التعليل ؛ لأن وقت المسح لا يدخل بحدثه إذ لا يتصور منه مسح جائز معتبر شرعا فما معنى دخول وقت المسح بحدثه فإن أريد أنه يمكن أن يجوز المسح بأن يفيق فذلك غاية التكلف لا يلزم اعتباره فمع ذلك كله كيف يسوغ الهجوم على الحكم بغفلة هذا الإمام فعليك بالتأمل .

                                                                                                                              ( قوله لدخول وقت المسح به ) أي بالنسبة للوضوء الواجب فلا ينافي قوله بعده ويسن للابسه قبل الحدث تجديد الوضوء ويمسح عليه . ا هـ . وإذا جدد ومسح لم تحسب المدة من هذا المسح بل من الحدث بعده كما هو صريح كلامهم ولهذا صرح به الشارح ( قوله ولا يمسح سلس أحدث غير حدثه الدائم إلخ ) قال في شرح الروض وخرج بغير حدثه حدثه الدائم فلا يضر ولا يحتاج معه إلى استئناف ظهر إلا إذا أخر الدخول في الصلاة بغير الطهر لغير مصلحتها وحدثه يجري فيأتي فيه ما تقرر في غير حدثه . ا هـ .

                                                                                                                              وهو يفيد أن بطلان طهره [ ص: 246 ] بالتأخير لغير مصلحة الصلاة بمنزلة ما لو أحدث غير حدثه ( قوله إلا لما يحل ) ظاهره جواز المسح كذلك وإن مضى بعد حدثه وقبل وضوئه ومسحه يوم وليلة أو أكثر بلا طهارة ولا صلاة ، وقد يقال ينبغي إذا مضت المدة احتاج لتجديد اللبس ؛ لأنه لم يقطع النظر في حقه عن المدة مطلقا بدليل أن له المسح للنوافل يوما وليلة أو ثلاثة بلياليها ( قوله فإن كان الحدث قبل فعل الفرض مسح له وللنوافل ) قال في شرح الإرشاد فإن أراد نفلا أجزأه المسح له يوما وليلة أو ثلاثة أيام وإن عصى بترك الفرض في هذه المدة على الأوجه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو شفي السلس ) أي ولو بعد مسح بعض المدة كما بينه في شرح العباب ( قوله وفي المتحيرة تردد ) في شرح م ر أما المتحيرة فلا نقل فيها ويحتمل أن لا تمسح ؛ لأنها تغتسل لكل فريضة ويحتمل أن يقال وهو الأوجه إن اغتسلت ولبست الخف فهي كغيرها وإن كانت لابسة قبل الغسل لم تمسح . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لبطلان طهره ) [ ص: 247 ] قد يستشكل بأن بطلانه بعد اللبس لا يضر كما لو أحدث بعد اللبس .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( باب مسح الخف )

                                                                                                                              وهو من خصوصيات هذه الأمة وشرع في السنة التاسعة من الهجرة ع ش وبجيرمي وشيخنا قول المتن ( مسح الخف ) يمكن أن يوجه تعبيره بالخف مرادا به الجنس دون تعبيره بالخفين بأن ذلك ليتناول الخف الواحد فيما لو فقد إحدى رجليه سم ( قوله المراد ) إلى قوله بل متواترة في النهاية إلا قوله أو الخف إلى فلا يرد وقوله بل ذكره إلى وأخره ، وكذا في المغني إلا أنه قال الأولى التعبير بالخفين . ( قوله المراد بالجنس ) غرضه به دفع ما أورد على المتن من أنه يوهم جواز المسح على خف رجل وغسل الأخرى وليس كذلك فكان الأولى أن يعبر بالخفين وحاصل الجواب أن أل في الخف للجنس فيشمل ما لو كان له رجل واحدة لفقد الأخرى وما لو كان له رجلان فأكثر فكانت كلها أصلية أو بعضها زائدا واشتبه بالأصلي أو سامت به فيلبس كلا منها خفا ويمسح على الجميع ، وأما إذا لم يشتبه ولم يسامت فالعبرة بالأصلي دون الزائد فيلبس الأول خفا دون الثاني إلا إن توقف لبس الأصلي على لبس الزائد فيلبسه أيضا شيخنا و ع ش ( قوله أو الخف الشرعي ) يعني أن أل للعهد أي الخف المعهود شرعا فيشمل من له رجل واحدة ومن له رجلان أو أكثر على التفصيل المتقدم قال ع ش وهذا الجواب أولى من الأول ؛ لأنه لا يدفع الإيهام إذ الجنس كما يتحقق في ضمن الكل كذلك يتحقق في ضمن واحدة منهما ا هـ . ( قوله هنا ) أي في الترجمة ( قوله منع لبس خف إلخ ) أي امتناعه شرعا ( قوله على صحيحة ) أي رجل صحيحة ( قوله عليلة ) أي بحيث لا يجب غسلها نهاية ومغني ( قوله فكانت كالصحيحة ) أي في امتناع الاقتصار على خف في الصحيحة والمسح عليه وفي جواز لبس الخفين فيهما بعد كمال طهارتهما ثم المسح عليهما فيرتفع حدثهما معا ولا يجب مع المسح التيمم عن العليلة ؛ لأن مسح خفها كغسلها ولا ينافيه قوله لوجوب التيمم إلخ ؛ لأن معناه أنها قبل لبس خفها يجب التيمم عنها كوجوب غسل الصحيحة قبله سم بأدنى تصرف ( قوله عليهما ) أي على خف الكاملة وخف الناقصة .

                                                                                                                              ( قوله على الأخرى ) أي على خف المنفردة ( قوله وحدها ) هل له لبس خف في باقي فاقدة محل الفرض ليمسح عليها بدلا عن غسله المسنون سم وسيأتي عنه ما يفيد عدم سن ذلك ( قوله وذكره هنا ) أي ذكر مسح الخف عقب الوضوء ( قوله لأنه بدل عن غسل الرجلين ) فمسحه رافع للحدث لا مبيح نهاية ومغني ( قوله فيه ) أي الوضوء ( قوله إن الواجب إلخ ) أي على لابس الخف بشروطه مغني ( قوله لأن في كل إلخ ) قد يقال غاية ما يقتضيه هذا التعليل الولاء بينهما ، وأماتأخير المسح عن التيمم الذي هو المطلوب فلا ، نعم يتم بزيادة والتيمم طهارة كاملة بصري ( قوله مسحا مبيحا ) يوهم أن مسح الخف مبيح لا رافع للحدث وهو خلاف ما صرحوا به أول كتاب الطهارة فراجعه بصري وقوله أول كتاب الطهارة بل هنا أيضا كما مر عن [ ص: 243 ] النهاية والمغني ( قوله بل متواترة ) أي عن الصحابة الذين كانوا لا يفارقونه صلى الله عليه وسلم سفرا ولا حضرا وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة المبشرة وعند ابن أبي شيبة وغيره عن الحسن البصري قال حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين واتفق العلماء على جوازه خلافا للخوارج والشيعة كردي ( قوله بعض الحنفية ) وهو الكرخي كردي ( قوله أخشى أن يكون إنكاره إلخ ) وكلام القليوبي على المحلي يقتضي تكفير المنكر له وكلام الإمداد عدمه كردي ( قوله أي من أصله ) احترز به عما إذا أنكر بعض شروطه وكيفيته وأحكامه هاتفي ا هـ كردي عبارة السيد البصري قوله أي من أصله أي لا تفاصيل أحكامه إذ هي لم تثبت إلا بالآحاد بخلاف القدر المشترك بين الجميع من طلب أصل المسح وكونه مشروعا فإنه ثابت بالتواتر ا هـ قول المتن .

                                                                                                                              ( يجوز إلخ ) أي من حيث العدول عن غسل الرجلين إليه فلا ينافي أنه يقع واجبا دائما حتى قيل إنه من الواجب المخير ورد بأن شرط الواجب المخير أن لا يكون بين الشيء وبدله كما هنا شيخنا و ع ش ورشيدي ( قوله ولو وضوء سلس ) إلى قوله بل يكره في المغني إلا قوله فعلم إلى أو شكا وقوله أو أرهقه إلى كان وكذا في النهاية إلا قوله أو خاف من الغسل فوت جماعة ( قوله سلس ) بكسر اللام ع ش عبارة النهاية والمغني دائم الحدث ا هـ . ( قوله لما تقرر ) لعله كونه بدلا عن غسل الرجلين أو المراد بما تقرر الأحاديث الصحيحة إلخ لكن قد يخدش هذا أنه لم يصرح بالأحاديث فلم يعلم أن موردها الوضوء بصري وجزم الكردي بالأول والظاهر بل المتعين الموافق لكلام غيره هو الاحتمال الثاني وعدم تصريح الشارح بتلك الأحاديث مع كونه مسلكا له في غالب الأبواب لاكتفائه عنه بقوله كثيرة بل متواترة وقوله فلم يعلم إلخ يمنعه ظهور أن مرجع ضمير وأحاديثه مسح الخف في المتن المراد به جزما ما في الوضوء . ( قوله لا في غسل واجب أو مندوب ) فلو أجنب مثلا أو اغتسل لنحو جمعة أو تنجس رجله فأراد المسح بدلا عن غسل الرجل لم يجز شيخنا ( قوله وأفهم يجوز إلخ ) يتأمل وجه الإفهام فإن المتبادر من الجواز الإباحة وهي لا تدل على أفضلية غيرها إلا أن يقال لما ذكر فيما مر وجوب الغسل دل على أنه هو الأصل فذكر الجواز في مقابلته يشعر بمقابلته له وبأنه مفضول بالنسبة إليه ع ش ( قوله رغبة عن السنة ) أي الطريقة وهي مسح الخفين بأن أعرض عنه لمجرد أن في الغسل تنظيفا لا لملاحظة أنه أفضل فلا يقال الرغبة عن السنة قد تؤدي إلى الكفر ؛ لأن محله إن كرهها من حيث نسبتها للرسول صلى الله عليه وسلم ع ش وبذلك يندفع أيضا ما في سم هنا ( قوله كراهته لما فيه إلخ ) أي المسح .

                                                                                                                              ( قوله أعم ) أي من الكراهة و ( قوله بينهما ) أي بين الرغبة والكراهة ( قوله أو شكا في جوازه ) أي لم تطمئن نفسه إليه لا أنه شك هل يجوز له فعله أو لا مغني ونهاية أي وإلا فلا يجوز له المسح حينئذ لعدم جزمه بالنية ع ش وشيخنا ( قوله شبهة فيه ) أي في دليله لنحو معارض له كأن يقول يحتمل أنه نسخ بآية الوضوء

                                                                                                                              ( قوله أو خاف إلخ ) أو كان ممن يقتدى به نهاية ( قوله فوت نحو جماعة ) أي كلا أو بعضا وظاهره وإن توقف الشعار عليه ولكن ينبغي أن يجب المسح في هذه الصورة ع ش وكذا يجب إذا كانت الجماعة جماعة جمعة واجبة عليه أجهوري وفرض المسألة إن لم يرج جماعة غيرها وإلا كان الغسل أفضل كما في الزيادي والبصري ا هـ بجيرمي ( قوله أو أرهقه ) أي غشيه والمراد شارف أن يغشاه بقرينة السياق بصري

                                                                                                                              ( قوله كان أفضل ) جواب قوله إن تركه إلخ ( قوله بل يكره إلخ ) أي في كل من الصور الأربع المتقدمة ( قوله تركه ) أي المتحقق بالغسل ( قوله ومثله ) أي مثل مسح الخف وقوله في الأولين أي الترك رغبة والترك شكا وقوله سائر الرخص أي باقيها كالجمع بالسفر كردي ( قوله وقد يجب ) إلى قوله وجعله في النهاية والمغني ( قوله وقد يجب إلخ ) أي عينا رشيدي ( قوله لنحو خوف فوت عرفة إلخ ) أو انصب ماؤه عند غسل رجليه ووجد بردا لا يذوب [ ص: 244 ] يمسح به أو ضاق الوقت ولو اشتغل بالغسل لخرج الوقت أو خشي أن يرفع الإمام رأسه من الركوع الثاني في الجمعة أو تعين عليه الصلاة على ميت وخيف انفجاره لو غسل نهاية وأقره سم

                                                                                                                              قوله في الجمعة أي الواجبة عليه فإن كان مسافرا أو رقيقا أو نحوهما لم يجب كما هو ظاهر ع ش ( قوله خوف فوت عرفة ) صورته أن يلبسه لعذر وإلا فيأتي أن المحرم يمتنع عليه لبس المخيط أجهوري أي بأن كان لو اشتغل بالغسل فاته الوقوف بعرفة إطفيحي ا هـ بجيرمي ( قوله أو إنقاذ أسير ) أي خوف فوت إنقاذ أسير أي أو غريق لو اشتغل بالغسل وينبغي تقييده بضيق الوقت كما هو ظاهر أي بحيث لو مسح أنقذ أما عند اتساع الوقت فلا يجب عليه المسح بل الواجب عليه الإنقاذ وتأخير الصلاة إطفيحي ا هـ بجيرمي

                                                                                                                              ( قوله لكن إلخ ) استدراك على قوله ويتعين إلخ وتضعيف لكلام البعض مع الحمل المذكور ( قوله أو لكونه ) إلى قوله وقد يحرم في النهاية والمغني ( قوله أو لكونه إلخ ) عطف على قوله لنحو خوف إلخ ( قوله لابسه بشرطه إلخ ) أي بخلاف صورة الإرهاق السابقة فلا يجب عليه لبس الخف ليمسح عليه لما فيه من إحداث فعل زائد نهاية ومغني

                                                                                                                              ( قوله وقد يحرم إلخ ) لم يذكر للمكروه مثالا لعله لعدم وجوده ع ش وقال شيخنا وقد يكره فيما إذا كرر المسح ؛ لأنه يعيب الخف ا هـ وقد يجاب بأن الكلام في أصل المسح ( قوله كأن لبسه إلخ ) أي ولا يجزئ كما يأتي سم عبارة ع ش وفيه أي في كلام حج أن الكلام في المسح المجزئ بأن كان مستوفيا للشروط وهو فيما ذكره باطل لما علل به من امتناع اللبس لذاته ا هـ وعبارة شيخنا وقد يحرم مع الإجزاء فيما إذا كان الخف مغصوبا أو من حرير لرجل أو من جلد آدمي ومع عدم الإجزاء فيما إذا كان لابس الخف محرما ا هـ

                                                                                                                              قول المتن ( للمقيم ) أي ولو عاصيا بإقامته نهاية ومغني أي كناشزة من زوجها وآبق من سيده شيخنا عبارة البجيرمي كعبد أمره سيده بالسفر فأقام ا هـ . ( قوله وكل ) إلى قوله أو نوم في النهاية وإلى قوله ولو نحو مجنون في المغني ( قوله وكل من سفره إلخ ) أي لكونه قصيرا أو معصية أو سافر لغير مقصد معلوم كالهائم ع ش وبجيرمي وشيخنا قول المتن ( ثلاثة أيام بلياليها ) أي ولو ذهابا وإيابا نهاية قال البجيرمي فإن قيل كيف يتصور قوله م ر ولو ذهابا إلخ فإنه ينقطع سفره بوصوله مقصده يقال يتصور بأن يسافر إلى غير محل إقامته وإذا وصل ولم ينو إقامة تقطع السفر فإنه يترخص ذهابا وإيابا مدة الثلاثة أجهوري وصوره بعضهم بعائد من سفره لغير وطنه لحاجة ا هـ عبارة سم

                                                                                                                              قوله ثلاثة أيام إلخ أي وإن لم تتحصل إلا من مجموع الذهاب والإياب بأن قصد محلا على يومين مثلا وأنه لا يقيم فيه بل يعود حالا من طريق آخر على يوم وليلة م ر بقي ما لو سافر ذهابا فقط مثلا وكان فوق يوم وليلة ودون الثلاث ا هـ وقوله بقي ما لو سافر إلخ قال ع ش قلت وحكمه أنه يمسح إلى إقامته حيث كان سفره مسافة قصر وأقام قبل الثلاث كما يعلم ذلك مما يأتي في شرح ولم يستوف مدة سفر ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله اليوم الأول ) بالنصب مفعول سبق وقوله ليلته فاعله ( قوله قدر الماضي إلخ ) هل المعتبر قدر الماضي بالنسبة أو بالمقدار مثلا لو كان المسح في منتصف أطول ليلة في السنة فهل يمسح إلى منتصف الليلة الرابعة منها فقط أو إلى أن يمضي منها مقدار نصف الليلة الأولى كل محتمل ، والأول أحوط والثاني أقرب إلى كلامهم بصري ( قوله على ذلك ) أي على ما في المتن ( قوله من انتهاء الحدث ) فلا [ ص: 245 ] يحسب زمن استمراره إلا أن يكون نوما كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ومثله اللمس والمس نهاية

                                                                                                                              ( قوله كبول ) وقوله ( أو مس ) خلافا للنهاية كما مر آنفا عبارة الكردي على شرح بافضل ، قوله من نهاية الحدث أي مطلقا عند الشارح وشيخ الإسلام والخطيب وعند الجمال الرملي من انتهائه إن لم يكن باختياره كبول وغائط ومن أوله إن كان باختياره كلمس ونوم قال الشارح في حاشية فتح الجواد هل المراد به فيما لو وجد منه حدثان متعاقبان كأن مس وأدام ثم بال وانقطع الأول فلا تحسب المدة إلا من انتهاء المس أو الثاني فتحسب من انتهاء البول كل محتمل وقضية تعليلهم الأول ؛ لأنه لا يتأهل للعبادة إلا بانتهائه دون انتهاء البول ا هـ

                                                                                                                              وعبارة شيخنا وما جرى عليه الشارح أي الغزي من حسبان المدة من انقضاء الحدث وما عليه جمهور المصنفين من المتقدمين والمتأخرين واعتبر العلامة الرملي حسبان المدة من أول الحدث الذي شأنه أن يقع باختياره وإن وجد بغير اختياره كالنوم واللمس والمس سواء انفرد وحده أو اجتمع مع غيره ومن آخر الحدث الذي شأنه أن يقع بغير اختياره كالبول والغائط ا هـ وقوله كالبول إلخ أي والريح والجنون والإغماء بجيرمي قال ع ش فائدة وقع السؤال عما لو ابتلي بالنقطة وصار زمن استبرائه منها يأخذ زمنا طويلا هل تحسب المدة من فراغ البول أو من آخر الاستبراء فيه نظر والظاهر الأول نعم لو فرض اتصاله حسب من آخره ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو من نحو مجنون إلخ ) لعل محله فيما إذا طرأ الجنون في أثناء حدث آخر كبول أو نوم أو مس أو بعده في أثناء المدة وإلا فالحدث بالجنون فلا يتأتى قوله الآتي فعلى الأول إن أفاق إلخ فليتأمل فإن المتبادر من قوله ولو نحو مجنون أنه مفروض في حدث طرأ لمجنون وهذا غير متصور بصري ( قوله في نحو الشروط ) أي وتوابعها فإن المسح ومدته من توابع الوضوء كردي ( قوله في ذلك ) أي في مدة المسح ( قوله استثنائه ) أي المجنون ( قوله غفلة عن ذلك ) أطال سم في منعه راجعه ( قوله وعلى الأول ) أي من عدم الفرق بين المجنون وغيره ( قوله على أن علته ) أي قول البلقيني ؛ لأنه لا صلاة إلخ ( قوله لدخول ) إلى قوله واستشكل في النهاية والمغني ( قوله لدخول وقت المسح ) أي الرافع للحدث فلا يرد المسح في الوضوء المجدد قبل الحدث مغني وسم ( قوله به ) أي بالحدث المذكور فاعتبرت مدة المسح منه فإذا أحدث ولم يمسح حتى انقضت المدة لم يجز المسح حتى يستأنف لبسا على طهارة نهاية زاد المغني أو لم يحدث لم تحسب المدة ولو بقي شهرا مثلا ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله حتى انقضت المدة أي ولو مقيما ثم عرض له السفر بعد ا هـ .

                                                                                                                              ويأتي عن عميرة مثله ( قوله فلو أحدث ) أي بعد اللبس و ( قوله فيه ) أي في الخف ( قوله قبل الحدث ) متعلق بما بعده ( قوله واغتفر له ) أي لمجدد الوضوء ( هذا ) أي المسح ( قوله لأن وضوءه إلخ ) عبارة المغني فإنه وإن جاز ليس محسوبا من المدة ؛ لأن جواز الصلاة ونحوها ليس مستندا إليه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله غير حدثه الدائم ) أما حدثه الدائم فلا يحتاج معه إلى استئناف طهر إلا إذا أخر الدخول في الصلاة بعد [ ص: 246 ] الطهر لغير مصلحتها وحدثه يجري كما سيأتي في باب الحيض مغني وشيخنا قال سم بعد ذكر مثل ذلك عن الأسنى وهو يفيد أن بطلان طهره بالتأخير لغير مصلحة الصلاة بمنزلة ما لو أحدث غير حدثه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومتيمم لغير فقد الماء إلخ ) بأن تيمم لمرض أو جرح ثم لبس الخفين ثم تجشم المشقة وتوضأ ومسح الخفين شيخنا وبجيرمي ويأتي في الشارح مثله ( قوله إلا لما يحل له ) أي للمذكور من السلس والمتيمم المذكورين ( قوله مسح له وللنوافل إلخ ) قال في شرح الإرشاد فإن أراد نفلا أجزأه المسح له يوما وليلة أو ثلاثة أيام وإن عصى بترك الفرائض في هذه المدة على الأوجه انتهى ا هـ .

                                                                                                                              سم عبارة شيخنا واعلم أن دائم الحدث كغيره في المدة فإذا ارتكب الحرمة ولم يصل الفرائض مسح للنوافل يوما وليلة إن كان مقيما وثلاثة أيام ولياليهن إن كان مسافرا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله للنوافل فقط ) ولو نوى في هذه الحالة استباحة فرض الصلاة هل تصح نيته أم لا فيه نظر والأقرب الثاني ع ش ( قوله وكمال الطهر ) أي بابتدائه أو تكميله عبارة النهاية والمغني وشرح المنهج والطهر الكامل وكتب عليه البجيرمي ما نصه هذا واضح في دائم الحدث دون المتيمم إذا تكلف المشقة وتوضأ إذ الواجب عليه غسل الرجلين ع ش وأجيب بأن قوله والطهر الكامل أي ابتداء في دائم الحدث وتتميما في المتيمم المذكور ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله واستشكل إلخ ) عبارة المغني فإن قيل اللبس يمنع المبادرة أجيب بأنه يكون في زمن الاشتغال بأسباب الصلاة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله جواز لبسه ) أي السلس ( قوله بينه ) أي بين طهر السلس ( قوله ولو شفي ) إلى قوله وصورة المسح في المغني والنهاية ( قوله ولو شفي إلخ ) أي ولو بعد مسح بعض المدة كما بينه في شرح العباب سم ( قوله في التيمم المحض ) أي فيما لو لبس الخف على التيمم المحض بأن عمت العلة جميع أعضاء وضوئه ( قوله أن يتكلف الغسل ) يعني يتكلف مع بقاء علته غسل وجهه ويديه ومسح رأسه بعد حدثه ليمسح على الخف إمداد ا هـ .

                                                                                                                              كردي ( قوله وتكلفه حرام إلخ ) تردد الإسنوي في جواز هذا التكلف والذي يظهر كما قال شيخي أنه إن غلب على ظنه الضرر حرم وإلا فلا مغني وفي بعض نسخ النهاية مثله وفي بعضها الآخر ضرب على ذلك وكتب عوضه والأوجه الحرمة ويستفاد ذلك من عبارة المحلي في شرح جمع الجوامع في الخاتمة قبيل الكتاب الأول بصري وقوله ويستفاد ذلك من عبارة المحلي إلخ فيه نظر ظاهر إذ عبارته وقد يباح الجمع بينهما كأن تيمم لخوف بطء البرء من الوضوء من عمت ضرورته ثم توضأ متحملا لمشقة بطء البرء وإن بطل بوضوئه تيممه لانتفاء فائدته ا هـ .

                                                                                                                              وقال محشيه البناني وهذا الوضوء جائز عندنا معاشر المالكية ، وأما عند الشافعية فقد ذكر بعض الطلبة أنه حرام على المعتمد عندهم ، فما قاله الشارح إنما يتمشى على مذهبه على القول الضعيف ولعل الشارح لا يرى ضعفه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأن الفرض أنه مضر ) أي وإلا لوجب نزع الخف ولا يجزئ المسح عليه لحصول الشفاء ع ش وحلبي .

                                                                                                                              ( قوله ويتجه إلخ ) خلافا للمغني والنهاية عبارة الأول والمتحيرة تمسح عند عدم وجوب الغسل عليها ا هـ .

                                                                                                                              وعبارة الثاني وأقره سم أما المتحيرة فلا نقل فيها ويحتمل أن لا تمسح ؛ لأنها تغتسل لكل فريضة ويحتمل أن يقال وهو الأوجه إن اغتسلت ولبست الخف فهي كغيرها وإن كانت لابسة قبل الغسل لم تمسح ا هـ . وعبارة الحلبي وأما المتحيرة فإن اغتسلت ولبست الخف ثم أحدثت أو طال الفصل بين غسلها وصلاتها وجب عليها أن تتوضأ فإن توضأت ومسحت [ ص: 247 ] الخف كانت كغيرها فتصلي الفرض والنفل وتنزعه عن كل فريضة ؛ لأنها تغتسل لها وقول حج ويتجه أنها لا تمسح إلا للنوافل إلخ فيه أنها تمسح للفرض فيما إذا أحدثت بعد الغسل أو طال الفصل ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلا يمسح شيئا إلخ ) الأولى أن يقول فلا يمسح لشيء ؛ لأن الكلام فيما يستبيحه بالمسح لا في مسح شيء من الخف حفني ا هـ ، بجيرمي




                                                                                                                              الخدمات العلمية