الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ويبطل الكتاب بموت الكاتب وعزله ) يعني قبل وصول الكتاب إلى الثاني أو بعد وصوله قبل القراءة ; لأنه بمنزلة الشهادة على الشهادة وقال أبو يوسف لا يبطل ، وأما بعدهما فلا يبطل في ظاهر الرواية وجنون الكاتب وردته وحده لقذف وعماه كعزله ذكره الشارح وإذا قبله المكتوب إليه فيما إذا بطل وحكم به ثم رفع إلى آخر فأمضاه جاز لمصادفته الاجتهاد وإذا كان الاختلاف في نفس القضاء فإنه ينفذ بالتنفيذ من قاض آخر ولو فسق الكاتب أو خرج عن أهلية الشهادة فإن المكتوب إليه لا يقضي به سواء كان قبل قراءته أو بعدها كذا في الخانية وهو بإطلاقه مخالف لما قدمناه عن الشارح وفي السراج الوهاج ولو شهد شهود بحق ثم مات القاضي المشهود عنده وولي قاض آخر لم ينفذ تلك [ ص: 5 ] الشهادة حتى تعاد . ا هـ .

                                                                                        وقد ذكروا هنا أن مما يبطل كتابه فسقه وهو محمول على ما إذا كان عدلا ففسق عند البعض ( قوله وبموت المكتوب إليه إلا إذا كتب بعد اسمه وإلى كل من يصل إليه من قضاة المسلمين ) أي يبطل الكتاب ; لأن الكاتب اعتمده إلا إذا عمم لاعتماده الكل قيد بقوله بعد اسمه ; لأنه لو عمم ابتداء لم يجز أن يحكم به أحد وأجازه أبو يوسف حين ابتلي بالقضاء واختاره كثير من المشايخ تسهيلا للأمر وفي الخلاصة وعليه عمل الناس اليوم .

                                                                                        ( قوله لا بموت الخصم ) أي لا يبطل الكتاب بموت الخصم ; لأن وارثه يقوم مقامه أطلقه فشمل المدعي والمدعى عليه وشمل ما إذا كان تاريخ الكتاب بعد موت المطلوب أو قبله ; لأن وارث المطلوب والوصي قائم مقامه كذا في الخانية قيد بموت الخصم ; لأن عدم حضرته عند القاضي الكاتب تبطل كتابته فلا يحكم عليه بشهادة أولئك حتى يشهدوا عنده بحضرة الخصم كذا في السراجية ولو ردد بين قاضيين كتب إلى فلان أو فلان صح وشرحه في شرح أدب الخصاف وسيأتي بعد .

                                                                                        ( فروع ) يجوز على كتاب القاضي الشهادة على الشهادة كما جاز فيه شهادة النساء ; لأنه يثبت مع الشبهات ولو كتب القاضي إلى الأمير الذي ولاه أصلح الله أمر الأمير ثم قص القصة وهو معه في المصر فجاء به ثقة يعرفه الأمير فالاستحسان أن للأمير إمضاءه ; لأنه متعارف ولا يليق بالقاضي أن يأتي في كل حادثة إلى الأمير ليخبره وشرطنا فيه شرط كتاب القاضي إلى القاضي كذا في فتح القدير ولو سمع الخصم بوصول كتاب القاضي البلدة فهرب إلى بلدة أخرى كان للقاضي المكتوب إليه أن يكتب إلى قاضي تلك البلدة بما يثبت عنده من كتاب القاضي فكما جوزنا للأول الكتابة جوزنا للثاني والثالث وهلم جرا للحاجة ولو كتب فلم يخرج من يده حتى رجع الخصم لم يحكم عليه بتلك الشهادة التي سمعها من شهود الكتاب بل يعيد المدعي شهادتهم ويكتب القاضي بعلمه كالقضاء بعلمه والتفاوت هنا أن القاضي يكتب بالعلم الحاصل قبل القضاء بالإجماع كذا قال بعضهم وإذا أقام شاهدا عند القاضي وسأل القاضي أن يكتب بذلك كتابا إلى قاض آخر فعل فإنه قد يكون له شاهد في محل المكتوب إليه كذا في فتح القدير والأصح أن الكتابة بعلمه كالقضاء بعلمه كذا في شرح أدب الخصاف .

                                                                                        [ ص: 4 - 5 ]

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        [ ص: 4 - 5 ] ( قوله وشرطنا فيه شرط كتاب القاضي إلى القاضي ) فيه اختصار مخل فإن عبارة الفتح هكذا ولم يجر الرسم في مثله من مصر إلى مصر فشرطنا هناك كتاب القاضي إلى القاضي ا هـ فقد ظهر أن هذا الشرط إذا كان الأمير في مصر غير مصر القاضي .




                                                                                        الخدمات العلمية