الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب النون مع القاف )

                                                          ( نقب ) * في حديث عبادة بن الصامت " وكان من النقباء " النقباء : جمع نقيب ، وهو كالعريف على القوم المقدم عليهم ، الذي يتعرف أخبارهم ، وينقب عن أحوالهم : أي يفتش . وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل ليلة العقبة كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبا على قومه وجماعته ، ليأخذوا عليهم الإسلام ، ويعرفوهم شرائطه . وكانوا اثني عشر نقيبا كلهم من الأنصار ، وكان عبادة بن الصامت منهم .

                                                          وقد تكرر ذكره في الحديث مفردا ومجموعا .

                                                          ( س ) ومنه الحديث إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس أي أفتش وأكشف .

                                                          ( هـ ) والحديث الآخر من سأل عن شيء فنقب عنه .

                                                          ( هـ ) وفيه أنه قال : لا يعدي شيء شيئا ، فقال له أعرابي : يا رسول الله ، إن النقبة تكون بمشفر البعير أو بذنبه في الإبل العظيمة فتجرب كلها ، فقال - صلى الله عليه وسلم - : فما أجرب الأول ؟ النقبة : أول شيء يظهر من الجرب ، وجمعها : نقب ، بسكون القاف ، لأنها تنقب الجلد : أي تخرقه .

                                                          ومنه حديث عمر " أتاه أعرابي فقال : إني على ناقة دبراء عجفاء نقباء ، واستحمله ، فظنه كاذبا ، فلم يحمله ، فانطلق وهو يقول : [ ص: 102 ]

                                                          أقسم بالله أبو حفص عمر ما مسها من نقب ولا دبر

                                                          أراد بالنقب هاهنا رقة الأخفاف . وقد نقب البعير ينقب ، فهو نقب .

                                                          ( س ) ومنه حديثه الآخر أنه قال لامرأة حاجة : أنقبت وأدبرت أي نقب بعيرك ودبر .

                                                          ومنه حديث علي " وليستأن بالنقب والضالع " أي يرفق بهما . ويجوز أن يكون من الجرب .

                                                          ومنه حديث أبي موسى " فنقبت أقدامنا " أي رقت جلودها ، وتنفطت من المشي .

                                                          ( هـ ) وفيه لا شفعة في فناء ولا طريق ولا منقبة هي الطريق بين الدارين ، كأنه نقب من هذه إلى هذه . وقيل : هو الطريق الذي يعلو أنشاز الأرض .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث أنهم فزعوا من الطاعون فقال : أرجو ألا يطلع إلينا نقابها هي جمع نقب ، وهو الطريق بين الجبلين . أراد أنه لا يطلع إلينا من طرق المدينة ، فأضمر عن غير مذكور .

                                                          ومنه الحديث على أنقاب المدينة ملائكة ، لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وهو جمع قلة للنقب .

                                                          ( س ) وفي حديث مجدي بن عمرو " أنه ميمون النقيبة " أي منجح الفعال ، مظفر المطالب . والنقيبة : النفس . وقيل : الطبيعة والخليقة .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي بكر أنه اشتكى عينه فكره أن ينقبها نقب العين : هو الذي يسميه الأطباء القدح ، وهو معالجة الماء الأسود الذي يحدث في العين . وأصله أن ينقر البيطار حافر الدابة ليخرج منه ما دخل فيه .

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر " ألبستنا أمنا نقبتها " هي السراويل التي تكون لها حجزة من غير نيفق ، فإذا كان لها نيفق فهي سراويل .

                                                          [ ص: 103 ] ( س ) وفي حديث ابن عمر " أن مولاة امرأة اختلعت من كل شيء لها وكل ثوب عليها حتى نقبتها ، فلم ينكر ذلك " .

                                                          ( هـ ) وفي حديث الحجاح " وذكر ابن عباس فقال : إن كان لنقابا " وفي رواية " إن كان لمنقبا " النقاب والمنقب ، بالكسر والتخفيف : الرجل العالم بالأشياء ، الكثير البحث عنها والتنقيب : أي ما كان إلا نقابا .

                                                          ( س ) وفي حديث ابن سيرين " النقاب محدث " أراد أن النساء ما كن ينتقبن : أي يختمرن .

                                                          قال أبو عبيد : ليس هذا وجه الحديث ، ولكن النقاب عند العرب هو الذي يبدو منه محجر العين . ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث ، إنما كان النقاب لاحقا بالعين ، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستورة ، والنقاب لا يبدو منه إلا العينان . وكان اسمه عندهم : الوصوصة ، والبرقع ، وكانا من لباس النساء ، ثم أحدثن النقاب بعد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية