الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ( 12 ) ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين ( 13 ) )

يقول - تعالى ذكره - : ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه ، وينشر [ ص: 80 ] فيها الموتى من قبورهم ، فيحشرهم إلى موقف الحساب ( يبلس المجرمون ) يقول : ييأس الذين أشركوا بالله ، واكتسبوا في الدنيا مساوئ الأعمال من كل شر ، ويكتئبون ويتندمون ، كما قال العجاج :


يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا



وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( يبلس ) . قال : يكتئب .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( يبلس المجرمون ) أي في النار .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله : ( ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ) قال : المبلس : الذي قد نزل به الشر ، إذا أبلس الرجل ، فقد نزل به بلاء .

وقوله : ( ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء ) يقول - تعالى ذكره - : ( ويوم تقوم الساعة ) لم يكن لهؤلاء المجرمين الذين وصف جل ثناؤه صفتهم ( من شركائهم ) الذين كانوا يتبعونهم ، على ما دعوهم إليه من الضلالة ، فيشاركونهم في الكفر بالله ، والمعاونة على أذى رسله ، ( شفعاء ) يشفعون لهم عند الله ، فيستنقذوهم من عذابه ، ( وكانوا بشركائهم كافرين ) يقول : وكانوا بشركائهم في الضلالة والمعاونة في الدنيا على أولياء الله ( كافرين ) ، يجحدون ولايتهم ، ويتبرءون منهم ، كما قال جل ثناؤه : ( إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) . [ ص: 81 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية