الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون

                                                                                                                                                                                                                                        (12) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قل لهؤلاء المشركين بالله، مقررا لهم وملزما بالتوحيد: لمن ما في السماوات والأرض أي: من الخالق لذلك، المالك له، المتصرف فيه؟

                                                                                                                                                                                                                                        قل لهم: لله وهم مقرون بذلك لا ينكرونه، أفلا حين اعترفوا بانفراد الله بالملك والتدبير، أن يعترفوا له بالإخلاص والتوحيد؟.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: كتب على نفسه الرحمة أي: العالم العلوي والسفلي تحت ملكه وتدبيره، وهو تعالى قد بسط عليهم رحمته وإحسانه، وتغمدهم برحمته وامتنانه، وكتب على نفسه كتابا أن رحمته تغلب غضبه، وأن العطاء أحب إليه من المنع، وأن الله قد فتح لجميع العباد أبواب الرحمة، إن لم يغلقوا عليهم أبوابها بذنوبهم، ودعاهم إليها، إن لم تمنعهم من طلبها معاصيهم وعيوبهم، وقوله: ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه وهذا قسم منه، وهو أصدق المخبرين، وقد أقام على ذلك من الحجج والبراهين، ما يجعله حق اليقين، ولكن أبى الظالمون إلا جحودا، وأنكروا قدرة الله على بعث الخلائق، فأوضعوا في معاصيه، وتجرءوا على الكفر به، فخسروا دنياهم وأخراهم، [ ص: 464 ] ولهذا قال: الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية