الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان .

و ( متكئين ) : حال من ولمن خاف مقام ربه كررت بدون عطف لأنها في مقام تعداد النعم وهو مقام يقتضي التكرير استئنافا .

والرفرف : ضرب من البسط ، وهو اسم جمع رفرفة ، وهو ما يبسط على الفراش لينام عليه ، وهي تنسج على شبه الرياض ويغلب عليها اللون الأخضر ، ولذلك شبه ذو الرمة الرياض بالبسط العبقرية في قوله : [ ص: 275 ]

حتى كأن رياض القف ألبسها من وشي عبقر تجليل وتنجيد

فوصفها في الآية بأنها ( خضر ) وصف كاشف لاستحضار اللون الأخضر لأنه يسر الناظر .

وكانت الثياب الخضر عزيزة وهي لباس الملوك والكبراء ، وقال النابغة :

يصونون أجسادا قديما نعيمها     بخالصة الأردان خضر المناكب

وكانت الثياب مصبوغة بالألوان الثابتة التي لا يزيلها الغسل نادرا لقلة الأصباغ الثابتة ولا تكاد تعدو الأخضر والأحمر ويسمى الأرجواني .

وأما المتداول من أصباغ الثياب عند العرب فهو ما صبغ بالورس والزعفران فيكون أصفر ، وما عدا ذلك فإنما لونه لون ما ينسج منه من صوف الغنم أبيض أو أسود أو من وبر أو من كتان أبيض أو كان من شعر المعز الأسود .

و ( حسان ) : جمع حسناء وهو صفة ل رفرف إذ هو اسم جمع .

( وعبقري ) : وصف لما كان فائقا في صنفه عزيز الوجود وهو نسبة إلى عبقر بفتح فسكون ففتح اسم بلاد الجن في معتقد العرب فنسبوا إليه كل ما تجاوز العادة في الإتقان والحسن ، حتى كأنه ليس من الأصناف المعروفة في أرض البشر ، قال زهير :

بخيل عليها جنة عبقرية     جديرون يوما أن ينالوا ويستعلوا

فشاع ذلك فصار العبقري وصفا للفائق في صنفه كما قال النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيما حكاه من رؤيا القليب الذي استسقى منه ثم أخذها ( أي الذنوب ) عمر فاستحالت غربا فلم أر عبقريا يفري فريه .

وإلى هذا أشار المعري بقوله :

وقد كان أرباب الفصاحة كلما     رأوا حسنا عدوه من صنعة الجن

فضربه القرآن مثلا لما هو مألوف عند العرب في إطلاقه .

التالي السابق


الخدمات العلمية