الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب شهادة القاذف ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فأمر الله عز وجل أن يضرب القاذف ثمانين ولا تقبل له شهادة أبدا وسماه فاسقا إلا أن يتوب فقلنا يلزم أن يضرب ثمانين وأن لا تقبل له شهادة وأن يكون عندنا في حال من سمي بالفسق إلا أن يتوب فإذا تاب قبلت شهادته وخرج من أن يكون في حال من سمي بالفسق قال وتوبته إكذابه نفسه فإن قال قائل فكيف تكون التوبة الإكذاب ؟ قيل له : إنما كان في حد المذنبين بأن نطق بالقذف ، وترك الذنب هو أن يقول القذف باطل وتكون التوبة بذلك ، وكذلك يكون الذنب في الردة بالقول بها والتوبة الرجوع عنها بالقول فيها بالإيمان الذي ترك فإن قال قائل فهل من دليل على هذا ؟ ففيما وصفت كفاية وفي ذلك دليل عن عمر سنذكره في موضعه فإن كان القاذف يوم قذف ممن تجوز شهادته فحد قيل له مكانه إن تبت قبلت شهادتك فإذا أكذب نفسه قبلت شهادته ، وإن لم يفعل لم تقبل حتى يفعل لأن الذنب الذي ردت به شهادته هو القذف فإذا أكذب نفسه فقد تاب وإن قذف وهو ممن لا تجوز شهادته ، ثم تاب لم تقبل شهادته من قبل أن ردها كان من وجهين أحدهما سوء حاله قبل أن يقذف ، والآخر القذف فإذا خرج من أحد الوجهين لم يخرج من الوجه الآخر ولكن يكون خارجا من أن يكون فيه علة رد الشهادة بالقذف فإذا أكذب نفسه وثبت عليه علة رد الشهادة بسوء الحال حتى تختبر حاله فإذا ظهر منه الحسن قبلت شهادته ، وهكذا لو حد مملوك حسن الحال ، ثم عتق لم تقبل شهادته إلا بإكذابه نفسه في القذف ، وهكذا لو حد ذمي حسن الحال ، فأسلم لم تقبل شهادته إلا بإكذابه نفسه في القذف فقال لي قائل : أفتذكر في هذا حديثا فقلت إن الآية لمكتفى بها من الحديث وإن فيه لحديثا ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال أخبرنا ابن عيينة قال سمعت الزهري يقول : زعم أهل العراق أن شهادة القذف لا تجوز ، فأشهد لأخبرني ، ثم سمى الذي أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال لأبي بكرة تب تقبل شهادتك ، أو إن تبت قبلت شهادتك قال سفيان شككت بعدما سمعت الزهري يسمي الرجل فسألت فقال لي عمر بن قيس هو سعيد بن المسيب فقيل لسفيان شككت في خبره فقال لا هو سعيد إن شاء الله تعالى ( قال الشافعي ) ؟ رحمه الله تعالى : وبلغني عن ابن عباس مثل هذا المعنى ( أخبرنا الربيع ) قال ( أخبرنا الشافعي ) قال حدثنا [ ص: 95 ] إسماعيل بن إبراهيم عن ابن أبي نجيح أنه قال في القاذف إذا تاب قبلت شهادته وقال كلنا نقوله فقلت من ؟ قال عطاء وطاوس ومجاهد .

التالي السابق


الخدمات العلمية