الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم ) وفي الآية مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرئ "على أمر جميع" ثم ذكروا في قوله ( على أمر جامع ) وجوها :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أن الأمر الجامع هو الأمر الموجب للاجتماع عليه ، فوصف الأمر بالجمع على سبيل المجاز ، وذلك نحو مقاتلة عدو ، أو تشاور في خطب مهم ، أو الأمر الذي يعم ضرره ونفعه ، وفي قوله : ( وإذا كانوا معه على أمر جامع ) إشارة إلى أنه خطب جليل لا بد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أرباب التجارب والآراء ليستعين بتجاربهم ، فمفارقة أحدهم في هذه الحالة مما يشق على قلبه .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : عن الضحاك " في أمر جامع " الجمعة والأعياد وكل شيء تكون فيه الخطبة .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : عن مجاهد في الحرب وغيره .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : اختلفوا في سبب نزوله ، قال الكلبي : كان صلى الله عليه وسلم يعرض في خطبته بالمنافقين ويعيبهم ، فينظر المنافقون يمينا وشمالا فإذا لم يرهم أحد انسلوا وخرجوا ولم يصلوا ، وإن أبصرهم أحد ثبتوا وصلوا خوفا ، فنزلت هذه الآية فكان بعد نزول هذه الآية لا يخرج المؤمن لحاجته حتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان [ ص: 35 ] المنافقون يخرجون بغير إذن .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قال الجبائي هذا يدل على أن استئذانهم الرسول من إيمانهم ، ولولا ذلك لجاز أن يكونوا كاملي الإيمان وإن تركوا الاستئذان ، وذلك يدل على أن كل فرض لله تعالى واجتناب محرم من الإيمان . والجواب : هذا بناء على أن كلمة "إنما" للحصر ، وأيضا فالمنافقون إنما تركوا الاستئذان استخفافا ، ولا نزاع في أنه كفر .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية