الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم [ ص: 375 ] كتاب الصلح رسم فيما جاء في الرجل يشتري العبد أو غيره فيصيب به العيب فيصالح البائع من عيبه قلت : أرأيت إن اشتريت عبدا بمائة دينار فأصبت بالعبد عيبا والعبد لم يفت فصالحني البائع من العيب على أن يدفع إلي مائة درهم إلى شهر أيجوز هذا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز هذا ; لأن هذا ذهب بفضة ليس يدا بيد ، إنما هو ذهب لمشتري العبد على بائعه إن رضيا بإمضاء الشراء ، فلما فسخا قيمة العيب من الذهب في دراهم إلى أجل كان ذلك الذهب بالورق إلى أجل .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن صالحه البائع من العيب على عشرة دنانير نقدا وقد كان شراء العبد بمائة دينار ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : هذا جائز .

                                                                                                                                                                                      قلت : لم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنه كأنه استرجع عشرة دنانير من دنانيره وأمضى العبد تسعين دينارا ، وإن رد إليه دنانير إلى أجل فلا خير فيه ، وإن تأخرت الدنانير على غير شرط في الأجل فلا بأس به ، وإنما كره أن يرد إليه دنانيره إلى أجل على الشرط لأنه يدخله بيع وسلف .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن صالحه على دراهم في قيمة العيب قبل أن يتفرقا فهل ذلك جائز ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إن كان أقل من صرف دينار . وقال أشهب لا بأس به وإن كان أكثر من صرف دينار .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فإن كان العبد قد فات وبه عيب فصالحه البائع على أن يرد [ ص: 376 ] قيمة العيب دنانير نقدا أو دارهم نقدا أو عروضا نقدا ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : فلا بأس به بعد معرفتهما بقيمة العيب ، وإن صالحه بدنانير إلى أجل فانظر ، فإن كانت مثل قيمة العيب أو أدنى فلا بأس به ، وإن كانت أكثر من قيمة العيب فلا خير فيه ، وإن كانت دراهم إلى أجل أو عروضا إلى أجل فلا خير فيه ، ووجه ما كره من الدنانير إذا كانت إلى أجل وهي أكثر من قيمة العيب أن قيمة العيب قد كان وجب له ردها وصار ذلك دينا له على البائع فأخره بالدين ويزيد عليه ، فلا يحل له إن كانت دراهم إلى أجل صار صرفا ليس يدا بيد ففسخ ما كان له من الذهب في فضة إلى أجل ، وإن كان ما صالحه عليه عرضا إلى أجل صار دينا بدين ; لأنه إن يفسخ ما كان له من الذهب التي صارت له على البائع لمكان العيب الذي دلس له فأخر ذهبه بغير شيء أوصله إليه ففسخ ذلك المشتري في عرض إلى أجل فصار الدين بالدين ، { وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكالئ بالكالئ } .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية