الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب بيع المزايدة وقال عطاء أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد

                                                                                                                                                                                                        2034 حدثنا بشر بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا الحسين المكتب عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلا أعتق غلاما له عن دبر فاحتاج فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا فدفعه إليه

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب بيع المزايدة ) لما أن تقدم في الباب قبله النهي عن السوم أراد أن يبين موضع التحريم منه ، وقد أوضحته في الباب الذي قبله ، وورد في البيع فيمن يزيد حديث أنس : " أنه - صلى الله عليه وسلم - باع حلسا وقدحا وقال : من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل : أخذتها بدرهم ، فقال : من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين ، فباعهما منه " أخرجه أحمد وأصحاب السنن مطولا ومختصرا واللفظ للترمذي وقال حسن ، وكأن المصنف أشار بالترجمة إلى تضعيف ما أخرجه البزار من حديث سفيان بن وهب : " سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع المزايدة " فإن في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقال عطاء أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد ) وصله ابن أبي شيبة ; ونحوه عن عطاء ومجاهد ، وروى هو وسعيد بن منصور عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : لا بأس ببيع من يزيد ، وكذلك كانت تباع الأخماس . وقال الترمذي عقب حديث أنس المذكور : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم ، لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث ، قال ابن العربي : لا معنى لاختصاص الجواز بالغنيمة والميراث ، فإن الباب واحد والمعنى مشترك ا هـ . وكأن الترمذي يقيد بما ورد في حديث ابن عمر الذي أخرجه ابن خزيمة وابن الجارود والدارقطني من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع أحدكم على بيع أحد حتى يذر ، إلا الغنائم والمواريث ا هـ . وكأنه خرج على الغالب فيما يعتاد فيه البيع مزايدة وهي الغنائم والمواريث ، ويلتحق بهما غيرهما للاشتراك في الحكم . وقد أخذ [ ص: 416 ] بظاهره الأوزاعي وإسحاق فخصا الجواز ببيع المغانم والمواريث . وعن إبراهيم النخعي أنه كره بيع من يزيد . ثم أورد المصنف حديث جابر في بيع المدبر وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم - : " من يشتريه مني؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بكذا وكذا ، فدفعه إليه " وسيأتي شرحه مستوفى في " باب بيع المدبر " في أواخر البيوع . وقوله : " بكذا وكذا " يأتي أنه ثمانمائة درهم ، ويأتي أيضا تسمية الرجل المذكور ، إن شاء الله تعالى . وقد اعترضه الإسماعيلي فقال : ليس في قصة المدبر بيع المزايدة ، فإن بيع المزايدة أن يعطى به واحد ثمنا ثم يعطى به غيره زيادة عليها ا هـ . وأجاب ابن بطال بأن شاهد الترجمة منه قوله في الحديث : " من يشتريه مني " قال : فعرضه للزيادة ليستقضي فيه للمفلس الذي باعه عليه ، وسيأتي بيان كونه كان مفلسا في أواخر كتاب الاستقراض .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية