الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                        البحر الرائق شرح كنز الدقائق

                                                                                        ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله ولو ادعى دارا إرثا لنفسه ولأخ له غائب وبرهن عليه أخذ نصف المدعى فقط ) أي أخذ نصيب نفسه وترك نصيب أخيه الغائب في يد ذي اليد وهذا عند الإمام مطلقا وفصل الشيخان بين جحود ذي اليد فيؤخذ منه ويجعل في يد أمين وإلا ترك في يده لخيانته بجحوده فلا نظر في تركه في يده وله أن الحاضر ليس بخصم عن الغائب في الاستيفاء وليس للقاضي التعرض بلا خصم كما إذا رأى شيئا في يد إنسان يعلم أنه لغيره لا ينتزعه منه بلا خصم وقد ارتفع جحوده بقضاء القاضي بالكل قيد بعدم أخذ نصيب الغائب ; لأن القاضي يقضي بالكل إرثا بخصومة الحاضر لانتصاب أحد الورثة خصما للميت فلذا تقضى منها ديونه وتنفذ وصاياه ولا تعاد البينة إذا حضر الغائب ولا القضاء ولم يذكر الشارح فيه اختلافا وذكره في جامع الفصولين وصحح أنه لا يحتاج وكذا ينتصب أحدهم فيما عليه مطلقا إن كان دينا وإن كان في دعوى عين فلا بد من كونها في يده ليكون قضاء على الكل وإن كان البعض في يده نفذ بقدره كما صرح به في الجامع الكبير وظاهر ما في الهداية والنهاية والعناية أنه لا بد من كونها كلها في يده في دعوى الدين أيضا وصرح في فتح القدير بالفرق بين العين والدين وهو الحق وغيره سهو وفي قوله أخذ نصف المدعى فقط إشارتان الأولى أنه لا يؤخذ من ذي اليد كفيل ; لأن القاضي نصب لقطع الخصومات لا لإنشائها الثانية أن الحاضر يأخذ النصف مشاعا غير مقسوم كما صرح به العمادي في الفصول وقيد بالعقار ; لأن المنقول يوضع عند عدل إلى حضور صاحبه وقيل هو كالعقار لا يؤخذ منه ولا شك أنه على قولهما يؤخذ منه ويوضع على يد عدل وأجمعوا على أنه [ ص: 47 ] لا يؤخذ لو مقرا كذا في جامع الفصولين

                                                                                        ( تنبيهات ) الأول إنما ينتصب الحاضر الذي في يده العين خصما عن الباقي إذا كانت العين لم تقسم بين الحاضر والغائب فإن قسمت وأودع الغائب نصيبه عند الحاضر كانت كسائر أمواله فلا ينتصب الحاضر خصما عنه ذكره العتابي عن مشايخنا وفي جامع الفصولين من السابع والعشرين ولو أودع نصيبه من عين عند وارث آخر فادعى رجل هذا العين ينتصب هذا الوارث خصما إذا ينتصب أحد الورثة خصما عن الباقين لو كان العين بيده بخلاف الأجنبي ا هـ .

                                                                                        الثاني : إنما لا تسمع دعوى الغائب إذا حضر بشرط أن يصدق أن العين ميراث بينه وبين الحاضر أما لو أنكر الإرث وادعى أنه اشتراها أو ورث نصيبه من رجل آخر لا يكون القضاء على الحاضر قضاء عليه فتسمع دعواه وتقبل بينته كما في الفصولين فالحاصل أنه إنما ينتصب خصما عن الباقي بثلاثة شروط كون العين كلها في يده وأن لا تكون مقسومة وأن يصدق الغائب على أنها إرث عن الميت المعين الثالث إنما يكفي ثبوت بعض الورثة أن لو ادعى الجميع وقضى به أما لو ادعى حصته فقط وقضى بها فلا يثبت حق الباقين كذا في جامع الفصولين من السابع والعشرين .

                                                                                        الرابع ادعى بيتا فقال ذو اليد إنه ملكي ورثته من أبي فلو قضى عليه يظهر على جميع الورثة فليس لأحد منهم أن يدعيه بجهة الإرث إذ صار مورثهم مقضيا عليه فلو ادعاه أحدهم ملكا مطلقا تقبل إذ لم يقض عليه في الملك المطلق فلو ادعاه ذو اليد ملكا مطلقا لا إرثا لا تصير الورثة مقضيا عليهم فلهم أخذه بدعوى الإرث لكن ليس لذي اليد حصة فيه إذ قضى عليه ا هـ .

                                                                                        الخامس : إذا كانت الورثة كبارا غيبا وصغيرا نصب القاضي وكيلا عن الصغير لسماع دعوى الدين على الميت والقضاء على هذا الوكيل قضاء على جميع الورثة السادس إذا أثبت المدعي دينه على بعض الورثة وفي يده حصة فإنه يستوفي جميع دينه مما في يد الحاضر ثم يرجع الحاضر على الغائب بحصته وهما في خزانة المفتين السابع يحلف الوارث على الدين إذا أنكره وإن لم يكن للميت تركة وهما في البزازية الثامن يصح الإثبات على الوارث وإن لم يكن للميت تركة وهما في البزازية التاسع لو لم يكن للميت وارث فجاء مدع للدين على الميت نصب القاضي وكيلا للدعوى كما في أدب القضاء للخصاف وظاهره أن وكيل بيت المال ليس بخصم .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        ( قوله وهذا عند الإمام مطلقا إلخ ) مثله في الهداية وغيرها وفيه أن هذا الإطلاق لا يظهر بعد تقييد المسألة بقوله وبرهن عليه فكان ينبغي عدم التقييد به تأمل ( قوله كما صرح به في الجامع الكبير ) حيث قال إنما يكون قضاء على جميع الورثة إذا كان المدعى في يد الوارث الحاضر ولو كان البعض في يده ينفذ بقدره ; لأن دعوى العين لا تتوجه إلا على ذي اليد فلا يكون خصما عنهم إلا في قدر ما في يده بخلاف ما إذا كان المدعى على الميت دينا حيث ينتصب فيه بعض الورثة خصما عن الكل مطلقا كذا في الزيلعي وقوله مطلقا أي سواء كان في يد الوارث عين تركة أم لا ووجه الفرق بين الدين والعين أن حق الدائن شائع في جميع التركة بخلاف مدعي العين أبو السعود [ ص: 47 ] ( قوله بخلاف الأجنبي ) أي غير الوارث تكون العين في يده فيدعي عليه فلا يتعدى القضاء عليه إلى غيره بأن تكون شركة بينه وبين غيره فلا يكون الشريك للغائب مقضيا عليه أبو السعود عن شيخه ( قوله فلو قضى عليه ) أي على ذي اليد ( قوله وظاهره أن وكيل بيت المال ليس بخصم ) قال الرملي يجب تقييده بما إذا وكله السلطان بجمعه وحفظه أما إذا وكله بأن يدعي ويدعى عليه أيضا تسمع دعواه والدعوى عليه ويملك في ذلك ما يملكه السلطان ; لأنه فوض إليه ما يملكه وهذه المسألة كثيرة الوقوع ويتفرع من ذلك أن المزارع لا يصلح خصما ممن يدعي الملك في الأرض ، وكذلك المقاطع المسمى بلغتهم تيماريا تأمل هذا وسئل شيخنا ابن الحانوتي عن هذه المسألة فأجاب بما ذكره الشيخ زين هنا .




                                                                                        الخدمات العلمية