الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في فضل الجماعة

                                                                                                          215 حدثنا هناد حدثنا عبدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة قال وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي سعيد وأبي هريرة وأنس بن مالك قال أبو عيسى حديث ابن عمر حديث حسن صحيح وهكذا روى نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة قال أبو عيسى وعامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا خمس وعشرين إلا ابن عمر فإنه قال بسبع وعشرين

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله ( صلاة الجماعة تفضل ) أي تزيد في الثواب ( على صلاة الرجل وحده ) أي منفردا ( بسبع وعشرين درجة ) المراد بالدرجة الصلاة فتكون صلاة الجماعة بمثابة سبع وعشرين صلاة ، كذا دل عليه ألفاظ الأحاديث ورجحه ابن سيد الناس ، كذا في قوت المغتذي .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي سعيد وأبي هريرة وأنس بن مالك ) أما حديث عبد الله بن مسعود فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه .

                                                                                                          وأما حديث أبي بن كعب فأخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، وقال الحافظ المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث : قد جزم يحيى بن معين والذهلي بصحة هذا الحديث .

                                                                                                          وأما حديث معاذ بن جبل فأخرجه البزار والطبراني في الكبير مرفوعا بلفظ : تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين صلاة وفيه عبد الحكيم بن منصور وهو ضعيف ، كذا في مجمع الزوائد .

                                                                                                          وأما حديث أبي سعيد فأخرجه البخاري .

                                                                                                          وأما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه .

                                                                                                          وأما حديث [ ص: 537 ] أنس فأخرجه الدارقطني .

                                                                                                          قوله : ( حديث ابن عمر حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم ( وعامة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قالوا خمس وعشرين إلا ابن عمر ، فإنه قال بسبع وعشرين ) قال الحافظ في الفتح بعد ذكر قول الترمذي هذا : لم يختلف عليه في ذلك إلا ما وقع عند عبد الرزاق عن عبد الله العمري عن نافع فقال فيه خمس وعشرون ، لكن العمري ضعيف ، ووقع عند أبي عوانة في مستخرجه من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع ، فإنه قال فيه بخمس وعشرين وهي شاذة مخالفة لرواية الحفاظ من أصحاب عبيد الله وأصحاب نافع وإن كان راويها ثقة ، وأما غير ابن عمر فصح عن أبي سعيد وأبي هريرة كما في هذا الباب ، وعن ابن مسعود عند أحمد وابن خزيمة وعن أبي بن كعب عند ابن ماجه والحاكم وعن عائشة وأنس عند السراج ، وورد أيضا من طرق ضعيفة عن معاذ وصهيب وعبد الله بن زيد بن ثابت وكلها عند الطبراني ، واتفق الجميع على خمس وعشرين سوى رواية لأبي هريرة عند أحمد قال فيها سبع وعشرون ، وفي إسنادها شريك القاضي وفي حفظه ضعف ، قال : واختلف في أن أيهما أرجح؟ فقيل رواية الخمس لكثرة رواتها ، وقيل رواية السبع ؛ لأن فيها زيادة من عدل حافظ . انتهى كلام الحافظ باختصار يسير .

                                                                                                          قال النووي : والجمع بينهما -يعني بين روايتي الخمس والسبع- من ثلاثة أوجه : أحدها أنه لا منافاة بينهما ، فذكر القليل لا ينفي الكثير ، ومفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين ، والثاني : أن يكون أخبر أولا بالقليل ، ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها ، والثالث : أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة ، فيكون لبعضهم خمس وعشرون ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيئتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك ، قال : فهذه هي الأجوبة المعتمدة ، انتهى . وقد ذكر الحافظ في الفتح وجوها أخر للجمع بين الروايتين من شاء الاطلاع عليها فليرجع إليه .




                                                                                                          الخدمات العلمية