الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( يشترط له ) ليصح ( مع شروط البيع ) لغير الربوي ما عدا الرؤية وقيل المراد شروط المبيع في الذمة فلا يحتاج لاستثناء الرؤية ويؤيده ما قدمه من صحة سلم الأعمى ( أمور ) أخرى سبعة اختص بها فلذا عقد لها هذا الكتاب .

                                                                                                                              ( أحدها تسليم رأس المال ) الذي هو بمنزلة الثمن في البيع وأخذ غير واحد من قولهم تسليم أنه لا يكفي استبداد المسلم إليه بالقبض لأنه في المجلس مما لا يتم العقد إلا به فاشترط فيه اختيار المتعاقدين كالصيغة لكن رددته عليهم في شرح الإرشاد بأن القبض في الربويات كذلك .

                                                                                                                              وقد صرحوا بأنه لا يشترط الإقباض فيها فهنا أولى وحينئذ فالتعبير بالتسليم جرى على الغالب والفرق بين البابين في ذلك بعيد جدا فلا يلتفت إليه لاتفاقهم على أنه يحتاط للربا ما لا يحتاط لغيره ( في المجلس ) الذي وقع به العقد قبل التفرق منه وإن قبض فيه المسلم فيه ، ولو بعد التخابر [ ص: 5 ] نظير ما مر في الربا ومن ثم امتنع التأجيل في رأس المال واشترط حلوله فإن فارقه أحدهما بطل فيما لم يقبض لأنه عقد غرر فلا يضم إليه غرر التأخير وثبت الخيار فيما إذا قبض البعض فقط على الأوجه خلافا للسبكي كابن الرفعة لتفريق الصفقة .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله المبيع في الذمة ) وأقول لو أريد مطلق البيع لم يحتج لاستثناء الرؤية أيضا لأنها إنما تشترط في بيع المعينات ما في الذمم والسلم بيع ما في الذمم فتأمله .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده ) في التأييد نظر واضح ؛ لأن تقديم صحة سلم الأعمى غاية ما يدل عليه عدم اشتراط الرؤية وأما دلالته على أن المصنف أراد هنا بالبيع بيع الموصوف في الذمة حتى لا يحتاج للاستثناء فلا ، لصدقه مع إرادة بيع الأعيان مع استثناء الرؤية فتأمل .

                                                                                                                              ( قول المصنف أحدها تسليم رأس المال في المجلس ) في الروض وشرحه هنا وإن أسلم إليه ماله في ذمته أو صالح عن رأس المال لم يصح لتعذر قبضه من نفسه في الأولى ولعدم قبض رأس المال في المجلس في الثانية وقضية ما ذكره في الأولى حمل قوله أعني شرح الروض في باب الصلح ما نصه وبقي منها أي أقسام الصلح أشياء أخر منها السلم بأن تجعل المدعى به رأس مال سلم انتهى .

                                                                                                                              على أن المدعى به عين وقبضها حينئذ بمضي زمن يمكن فيه القبض فليتأمل وأما تخصيص ما هنا بغير لفظ الصلح فبعيد جدا بل لا وجه له فليتأمل ثم ظاهر هذا الذي في باب الصلح أن [ ص: 5 ] لفظ الصلح يغني عن لفظ السلم فهل هو كذلك ( قوله نظير إلخ ) يؤخذ منه أن من يجعل التخاير هناك بمنزلة التفرق مطلقا يجعله بمنزلته كذلك ( قوله واشترط حلوله ) أي بأن يشرطه أو يطلق ( قوله ويثبت الخيار إلخ ) عبارة العباب ويثبت الخيار للمسلم إليه لا للمسلم انتهى .

                                                                                                                              ولم يزد في شرحه على التوجيه بتقصير المسلم بعدم إقباضه الجميع وعدم تفصيل المسلم إليه انتهى .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله المبيع في الذمة ) وأقول ولو أريد مطلق البيع لم يحتج لاستثناء الرؤية أيضا لأنها إنما تشترط في بيع المعينات لا ما في الذمم والسلم بيع ما في الذمم فتأمله ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله ويؤيده ) في التأييد نظر واضح لأن تقديم صحة سلم الأعمى غاية ما يدل عليه عدم اشتراط الرؤية وأما دلالته على أن المصنف أراد هنا بالبيع بيع الموصوف في الذمة حتى لا يحتاج للاستثناء فلا لصدقه مع إرادة الأعيان مع استثناء الرؤية فتأمل ا هـ سم ( قوله اختص بها ) فيه أن بعض السبعة شرط للبيع أيضا كالقدرة على التسليم والعلم وأما ما فيه من التفصيل بعينه يجري في البيع الذمي كما لا يخفى ا هـ رشيدي وقد يجاب بأن المراد بالسلم هنا ما يشمل البيع الذمي .

                                                                                                                              قول المتن ( أحدها تسليم إلخ ) أفهم كلام المصنف أنه لو قال أسلمت إليك المائة التي في ذمتك مثلا في كذا أنه لا يصح السلم وهو كذلك ا هـ نهاية زاد المغني وشرح الروض ولو صالح عن رأس المال لم يصح لعدم قبض رأس المال في المجلس ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه ) أي القبض وكذا ضمير قوله فيه ( قوله كذلك ) أي مما لا يتم العقد إلا به ( قوله بأن القبض ) أي في المجلس ( قوله بأنه ) أي الشأن ( قوله فهنا أولى ) عبارة ع ش المعتمد جواز الاستبداد بقبض رأس المال لأن باب الربا أضيق من هذا وصرحوا فيه بجواز الاستبداد بالقبض فهذا من باب أولى رملي انتهى زيادي ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بين البابين ) أي بابي السلم والربا ( قوله في ذلك ) أي في القبض ( قوله قبل التفرق ) بيان للمراد من المجلس حتى لو قاما وتماشيا منازل حتى حصل القبض قبل التفرق لم يضر ا هـ ع ش ( قوله وإن قبض فيه المسلم فيه ) وفاقا للنهاية والمغني عبارتهما ولا يكفي قبض المسلم فيه الحال في المجلس عن قبض رأس المال لأن تسليمه فيه تبرع وأحكام البيع لا تبنى على التبرعات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولو بعد التخاير ) خلافا للنهاية والمغني ( قوله [ ص: 5 ] نظير ما مر إلخ ) يؤخذ منه أن من يجعل التخاير هناك بمنزلة التفرق يجعله هنا بمنزلته كذلك ا هـ سم ( قوله واشترط حلوله ) أي بأن يشرطه أو يطلق ا هـ سم ( قوله فإن فارقه ) إلى المتن في النهاية والمغني ( قوله فإن فارقه أحدهما ) زاد النهاية والمغني أو ألزماه ا هـ وع ش أو ألزم أحدهما ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بطل فيما إلخ ) عبارة النهاية والمغني بطل العقد أو قبل تسليم بعضه بطل فيما لم يقبض وفيما يقابله من المسلم فيه وصح في الباقي بقسطه ا هـ قال ع ش قوله م ر بطل العقد أي وسواء حصل القبض بعد ذلك في المجلس أم لا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويثبت الخيار ) عبارة العباب ويثبت الخيار للمسلم إليه لا للمسلم انتهى ولم يزد في شرحه على التوجيه بتقصير المسلم بعدم إقباضه الجميع وعدم تقصير المسلم إليه ا هـ سم عبارة ع ش قوله ويثبت الخيار ظاهره أنه لكل من المسلم والمسلم إليه وهو خيار عيب فيكون فوريا لكن في سم على حج ما نصه أي للمسلم إليه بخلاف المسلم لتقصيره بعدم إقباض الجميع ا هـ .

                                                                                                                              أقول قول سم قريب وعليه فلو فسخ المسلم إليه ثم تنازعا في قدر ما قبضه صدق لأنه الغارم وإن أجاز وتنازعا في قدر ما قبضه فينبغي تصديق المسلم إليه لأن الأصل عدم قبضه لما يدعيه المسلم وليس هذا اختلافا في قدر رأس المال أو المسلم فيه لاتفاقهما على أن رأس المال كذا وإنما الخلاف فيما قبضه منه ا هـ بجيرمي .




                                                                                                                              الخدمات العلمية