الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب

                                                                                                                                                                                                                                      فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي قاله عليه الصلاة والسلام عند غروب الشمس اعترافا بما صدر عنه من الاشتغال بها عن الصلاة، وندما عليه، وتمهيدا لما يعقبه من الأمر بردها وعقرها . والتعقيب باعتبار أواخر العرض المستمر دون ابتدائه، [ ص: 226 ] والتأكيد للدلالة على أن اعترافه وندمه عن صميم القلب لا لتحقيق مضمون الخبر . وأصل "أحببت" أن يعدى بعلى; لأنه بمعنى آثرت لكن لما أنيب مناب أنبت عدي تعديته، و "حب الخير" مفعوله، كأنه قيل : أنبت حب الخير عن ذكر ربي، ووضعته موضعه، وخير المال الكثير . والمراد به الخيل التي شغلته عليه الصلاة والسلام، ويحتمل أنه سماها خيرا لتعلق الخير بها . قال صلى الله عليه وسلم : "الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة" . وقرئ : ( أني ) حتى توارت بالحجاب متعلق بقوله "أحببت" باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض، أي : أنبت حب الخير عن ذكر ربي، واستمر ذلك حتى توارت، أي : غربت الشمس تشبيها لغروبها في مغربها بتوارى المخبأة بحجابها، وإضمارها من غير ذكر لدلالة العشي عليها، وقيل : الضمير للـ "صافنات" أي : حتى توارت بحجاب الليل، أي : بظلامه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية