الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ( 33 ) )

يقول - تعالى ذكره - : أيها المشركون من قريش ، اتقوا الله ، وخافوا أن يحل بكم سخطه في يوم لا يغني والد عن ولده ، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا ؛ لأن الأمر يصير هنالك بيد من لا يغالب ، ولا تنفع عنده الشفاعة والوسائل ، إلا وسيلة من صالح الأعمال التي أسلفها في الدنيا . وقوله : ( إن وعد الله حق ) يقول : اعلموا أن مجيء هذا اليوم حق ، وذلك أن الله قد وعد عباده ولا خلف لوعده ( فلا تغرنكم الحياة الدنيا ) يقول : فلا تخدعنكم زينة الحياة الدنيا ولذاتها ، فتميلوا إليها ، وتدعوا الاستعداد لما فيه خلاصكم من عقاب الله ذلك اليوم . وقوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) يقول : ولا يخدعنكم بالله خادع . والغرور بفتح الغين : هو ما غر الإنسان من شيء كائنا ما كان شيطانا كان أو إنسانا ، أو دنيا ، وأما الغرور بضم الغين : فهو مصدر من قول القائل : غررته غرورا .

وبنحو الذي قلنا في معنى قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) قال أهل التأويل . [ ص: 159 ]

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى ، وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( الغرور ) قال : الشيطان .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد ، عن قتادة قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) ذاكم الشيطان .

حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد المروزي ، يقول : أخبرنا عبيد قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : ( الغرور ) قال : الشيطان .

وكان بعضهم يتأول الغرور بما حدثنا ابن حميد قال : ثنا ابن المبارك ، عن ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير قوله : ( ولا يغرنكم بالله الغرور ) قال : أن تعمل بالمعصية وتتمنى المغفرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية