الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في المغمى عليه في رمضان والنائم نهاره كله قلت : أرأيت رجلا أغمي عليه نهارا في رمضان ثم أفاق بعد ذلك بأيام ، أيقضي صوم ذلك اليوم الذي أغمي عليه فيه أم لا ؟ فقال : قال مالك : إن كان أغمي عليه من أول النهار إلى الليل ، رأيت أن يقضي يوما مكانه ، وإن أغمي عليه وقد قضى أكثر النهار أجزأه ذلك ، قال : فقلت له : فلو أنه أغمي عليه بعد أن أصبح ونيته الصيام إلى انتصاف النهار ثم أفاق بعد ذلك أيجزئه صيامه ذلك اليوم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم يجزئه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت المغمى عليه أياما هل يجزئه صوم اليوم الذي أفاق فيه إن نوى أن يصومه حين أفاق في قول مالك ؟ فقال : لا يجزئه وعليه قضاؤه ; لأن من لم يبيت الصيام فلا صيام له .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن أغمي عليه ليلا في رمضان وقد نوى صيام ذلك اليوم فلم يفق إلا عند المساء من يومه ذلك ، هل يجزئه صيامه في قول مالك ؟ فقال : لا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أفاق بعدما أضحى ، أيجزئه صوم يومه ذلك ؟ فقال : لا أرى أن يجزئه .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وقد بلغني عن بعض من مضى من أهل العلم أنه قال : إن أغمي عليه في رمضان قبل الفجر فلم يفق إلا بعد الفجر لم يجزه صيامه ذلك .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : والمغمى عليه لا يكون بمنزلة النائم ، ولو أن رجلا نام قبل الفجر وقد كان سهر ليلته كلها فنام نهاره كله وضرب على أذنه النوم حتى الليل أجزأ عنه صومه ، ولو أغمي عليه من [ ص: 277 ] مرض حتى يفارقه عقله قبل الفجر حتى يمسي لم يجز عنه صومه ، هذا أحسن ما سمعت .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أصبح في رمضان ينوي الصوم ثم أغمي عليه قبل طلوع الشمس فلم يفق إلا عند غروب الشمس أيجزئه صومه في قول مالك أم لا ؟ فقال قال مالك : لا يجزئه ; لأنه أغمي عليه أكثر النهار .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون وقال أشهب مثل ما قال ابن القاسم عن مالك ، وقال : قولنا أن من أغمي عليه أكثر النهار أن عليه القضاء احتياطا واستحسانا ، ولو أنه اجتزأ به ما عنف ولرجوت ذلك له إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                      قلت : ما قول مالك فيمن بلغ وهو مجنون مطبوق فمكث سنين ثم إنه أفاق ؟ فقال قال مالك : يقضي صيام تلك السنين ولا يقضي الصلاة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية