الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                خاتمة :

                العلوم تنقسم إلى ستة أقسام أحدها فرض كفاية ، وقد مر .

                [ ص: 416 ] والثاني : فرض عين وهو ما يحتاج إليه العامة في الفرائض : كالوضوء ، والصلاة والصوم . إنما يتوجه بعد الوجوب ، فإن كان بحيث لو صبر إلى دخول الوقت لم يتمكن : لزمه التعلم قبله ، كما يلزم بعيد الدار السعي إلى الجمعة قبل الوقت . وما كان على الفور فتعلمه على الفور وما لا فلا وإنما يلزم تعلم الظواهر لا الدقائق والنوادر

                . ومن له مال زكوي ، يلزمه ظواهر أحكام الزكاة . ومن يبيع ويشتري ، يلزمه تعلم أحكام المعاملات ، ومن له زوجة يلزمه تعلم أحكام عشرة النساء وكذا من له أرقاء ، وكذا معرفة ما يحل ، وما يحرم من مأكول ، ومشروب ، وملبوس وأما علم الكلام : فليس عينا .

                قال الإمام : ولو بقي الناس على ما كانوا عليه لنهينا عن التشاغل به . أما إذا ظهرت البدع ، فهو فرض كفاية ، لإزالة الشبه ، فإن ارتاب أحد في أصل منه لزمه السعي في إزاحته . قال في شرح المهذب : فإن فقد الأمران فحرام . والواجب في الاعتقاد التصديق الجازم بما جاء به القرآن والسنة ، وأما علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد ، والعجب ، والرياء ونحوها ، فقال الغزالي : إنها فرض عين .

                وقال غيره : من رزق قلبا سليما منها كفاه . وإلا فإن تمكن من تطهيره بغيره لزمه ، وإن لم يتمكن إلا بتعلمه وجب .

                الثالث : مندوب كالتبحر في العلوم السابقة بالزيادة على ما يحصل به الفرض .

                الرابع : حرام كالفلسفة ، والشعوذة ، والتنجيم ، والرمل ، ، وعلوم الطبائعيين ، والسحر ، هذا ما في الروضة . ودخل في الفلسفة : المنطق .

                وصرح به النووي في طبقاته ، وابن الصلاح في فتاويه ، وخلائق آخرون . [ ص: 417 ] ومن هذا القسم : علم الحرف . صرح به الذهبي ، وغيره والموسيقى نقل ابن عبد البر الإجماع عليه .

                الخامس : مكروه كأشعار المولدين في الغزل ، والبطالة السادس : مباح كأشعارهم التي لا سخف فيها ولا ما يثبط عن الخير ولا يحث عليه .

                ذكر هذه الأقسام النووي في الروضة وغيرها ، فقد استكمل العلم أقسام الأحكام الخمسة ، ونظيره في الأقسام المذكورة : النكاح فإنه يكون فرض كفاية كما تقدم ، وفرض عين على من خاف العنت ، ومندوبا لتائق إليه واجد أهبة ، ومكروها لفاقد الأهبة ، والحاجة أو واجدها وبه علة ، كهرم ، أو تعنين ، أو مرض دائم ، ومباحا لواجد الأهبة ، غير محتاج ، ولا علة ، وحراما لمن عنده أربع ، ونظيره في تلك أيضا : القتل ، فإنه يكون فرض عين على الإمام في الردة ، والحرابة وترك الصلاة ، والزنا ، وفرض كفاية في الجهاد ، والصيال على بضع ، ومندوبا في الحربي إذا قدر عليه ، ولا مصلحة في استرقاقه ، والصائل حيث الدفع أولى من الاستسلام ، ومكروها : في الأسير حيث في استرقاقه مصلحة ، وحراما : في نساء أهل الحرب وصبيانهم ومنه : القتل العمد العدوان ومباحا في القصاص .

                وله قسم سابع ، وهو : ما لا يوصف بواحد من الستة ، وهو قتل الخطأ . وقريب من ذلك : الطلاق ، فإنه يكون واجبا وهو طلاق الحكمين ، والمولى . ومندوبا ، وهو طلاق من خاف أن لا يقيم حدود الله في الزوجية ، ومن رأى ريبة يخاف معها على الفرش ، وحراما : وهو البدعي ، وطلاق من قسم لغيرها ولم يوفها حقها من القسم ، ومكروها وهو ما سوى ذلك ففي الحديث { أبغض الحلال إلى الله الطلاق } ولا يوجد فيه مباح مستوي الطرفين . هكذا حكاه النووي عن الأصحاب في شرح مسلم . قال العلائي : ويمكن أن يوجد عند تعارض مقتضى الفراق وضده في رأي الزوج .

                [ ص: 418 ] فصل :

                قال الشاشي في الحلية : ليس لنا سنة على الكفاية ، إلا ابتداء السلام . فلو لقي جماعة واحدا أو جماعة فسلم واحد منهم كفى لأداء السنة ، واستدرك عليه أشياء منها : تشميت العاطس . صرح أصحابنا بأنه سنة على الكفاية ، كابتداء السلام .

                ومنها : التسمية على الأكل ، فلو سمى واحد من الآكلين أجزأ عنهم . نقله في الروضة عن نص الشافعي . ومنها : الأضحية إذا ضحى بشاة واحد من أهل البيت تأدى الشعار بها والسنة عن جميعهم . ومنها : ما يفعل بالميت مما ندب إليه . ومنها : الأذان والإقامة على الأصح .

                قلت : الظاهر أنهما سنتا عين ، وإلا لعدت الجماعة على القول بأنها سنة . والعيد ، والكسوف ، والاستسقاء . ومما يصلح أن يعد منها : ما تقدم من العلم : أنه مندوب . وتلقين الميت إذا أرتج عليه . ولم أر من تعرض لذلك .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية