الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في كراهة أكل كل ذي رائحة خبيثة ، وأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس .

ثم ذكر الناظم مسألة كراهة دخول المسجد لذي ريح منتنة ; لأن ذلك ينشأ عن الأكل غالبا . فقال ( ومع أكل ) شيء ( شين ) مأخوذ من شانه يشينه ضد زانه يزينه أي قبيح ( العرف ) بفتح العين المهملة وإسكان الراء الريح طيبة ، أو منتنة وأكثر استعماله في الطيبة كما في القاموس هكذا في عدة نسخ .

وفي النسخة التي شرح عليها الحجاوي رحمه الله ومع نتن بدل شين بإسقاط لفظة أكل وبعدها اكره ( إتيان مسجد ) فتصير على التي شرح عليها [ ص: 96 ] الحجاوي ومع نتن العرف واكره إتيان مسجد والنتن الرائحة الكريهة والتي في النسخ سواها أولى من جهة اللفظ والمعنى .

أما اللفظ ، فإنه أرشق في العبارة وأسلس في النظم ، والوزن وأسلم من العلل ، فإن وزنه مستقيم بخلاف ما ذكره رحمه الله ، وأما المعنى ، فإن تكرار الكراهة في البيت مرتين غير رشيق في المعنى . نعم هو أشمل من كون ذلك الريح الكريه ناشئا عن أكل ، أو غيره لكن هذا يفهم من علة الكراهة وحاصل ذلك كله أنه يكره أكل كل ذي رائحة كريهة من ثوم وبصل وفجل وكرات لأجل رائحته الخبيثة سواء أراد دخول المسجد ، أو لم يرد .

نعم تتأكد الكراهة لمريد المسجد لقول النبي : صلى الله عليه وسلم { إن الملائكة تتأذى بما يتأذى منه الناس } رواه ابن ماجه ، فإذا أكله فينبغي له أن لا يقرب المسجد قبل زوال رائحته إلا من حاجة لقوله صلى الله عليه وسلم { من أكل من هاتين الشجرتين فلا يقربن مصلانا } وفي رواية { فلا يقربنا في مساجدنا } . رواه الترمذي ، وقال حسن صحيح

، وليس أكل ذلك بمحرم لما رواه الترمذي ، وقال حسن صحيح عن أبي أيوب رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليه بطعام لم يأكله النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي : صلى الله عليه وسلم فيه الثوم قال : يا رسول الله أحرام هو ؟ قال : لا ، ولكن أكرهه من أجل ريحه } .

وروي عن أحمد رضي الله عنه في رواية مرجوحة أنه يأثم بأكله ; لأن ظاهر النهي التحريم لأن أذى المسلمين حرام ، وفي أكله أذاهم ذكره في المغني والمذهب الكراهة فقط ، ومحل ذلك إذا لم ينضج بطبخ ، وإلا فلا كراهة وسيأتي الكلام على آداب دخول المساجد عند قول الناظم وافتقدها عند أبواب مسجد إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية