الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 34 - 41 ] فإذا جاءت الطامة الكبرى يوم يتذكر الإنسان ما سعى وبرزت الجحيم لمن يرى فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى

                                                                                                                                                                                                                                      فإذا جاءت الطامة الكبرى أي: الداهية العظمى التي تطم على كل هائلة من الأمور، فتغمر ما سواها بعظيم هولها، وهي القيامة للحساب والجزاء.

                                                                                                                                                                                                                                      يوم يتذكر الإنسان ما سعى أي: ما عمل من خير أو شر، وذلك بعرضه عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      وبرزت الجحيم لمن يرى أي: أظهرت نار الله لأبصار الناظرين.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما من طغى أي: أفرط في تعديه ومجاوزته حد الشريعة والحق إلى ارتكاب العصيان والفساد والضلال.

                                                                                                                                                                                                                                      وآثر الحياة الدنيا أي: متاعها وشهواتها، على كرامة الآخرة وما أعد فيها للأبرار.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن الجحيم هي المأوى أي: [ ص: 6054 ] مأواه ومرجعه.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما من خاف مقام ربه أي: مقامه بين يديه للسؤال، أو جلاله وعظمته، أي: اتقاه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه ونهى النفس عن الهوى أي: فيما يكرهه الله ولا يرضاه منها، فخالفها إلى ما أمره به.

                                                                                                                                                                                                                                      فإن الجنة هي المأوى أي: مصيره يوم القيامة، وجواب (إذا) محذوف; لدلالة التقسيم عليه، تقديره: ظهرت الأعمال، أو انقسم الناس قسمين.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية